أحدهما: أن لا يلزم من العمل بالبراءة إثبات حكم آخر.
ثانيهما: أن لا يلزم من جريانها ضرر على الغير.
أما الشرط الأول: فيحتاج إلى توضيح المراد منه، فإنه إن كان المراد منه:
أن أصالة البراءة لا تثبت اللوازم والاحكام المترتبة على نفي الحكم بالبراءة العقلية والشرعية، فهذا يرجع إلى عدم اعتبار الأصل المثبت، ولا اختصاص لذلك بأصل البراءة، بل يعتبر ذلك في كل أصل، حتى الاستصحاب الذي هو أقوى الأصول، فما ظنك بالبراءة التي هي أضعف الأصول!.
وإن كان المراد منه أن الحكم الشرعي المترتب على عدم الحكم لا يترتب بمجرد نفي الحكم بالبراءة، فهذا في الجملة حق، ولكن ليس على إطلاقه، فان ترتب حكم على عدم حكم آخر تارة: يكون لأجل المزاحمة بين الحكمين من حيث عدم القدرة على الجمع بين الحكمين في الامتثال، كترتب وجوب الإزالة على عدم وجوب الصلاة وبالعكس في صورة وقوع المزاحمة بينهما، ففي مثل هذا لا ينبغي الاشكال في كفاية نفي أحد الحكمين بالبراءة لاثبات الحكم الآخر، فان المزاحمة إنما يقع بين الاحكام في مرتبة تنجزها، والتنجيز يتوقف على الاحراز والوجود العلمي أو ما يقوم مقامه، وأصالة البراءة تمنع عن تنجز الحكم الثابت في موردها، فيترتب الحكم الآخر لا محالة، فيكفي في وجوب الصلاة نفي وجوب الإزالة بأصالة البراءة، لأن المفروض: أنه لا مانع من وجوب الصلاة إلا تنجز وجوب الإزالة، وأصالة البراءة تمنع عن تنجزه، فيثبت وجوب الصلاة لا محالة.
وأخرى: يكون لأجل أخذ عدم أحد الحكمين قيدا في ثبوت الحكم الآخر، وهذا أيضا يختلف فإنه تارة: يستفاد من مناسبة الحكم والموضوع أن القيد هو عدم الحكم المنجز لا عدم الحكم النفس الأمري وإن كان ظاهر الدليل ذلك، كما لو