المصالح بناء على أصول العدلية.
وأما الثاني: فلانه لم نعثر فيما بأيدينا من الاخبار على ما يدل على اعتبار شئ من ذلك في العبادة، مع أن المسألة مما تعم به البلوى ويتكرر الحاجة إليها ليلا ونهارا، وليست من المرتكزات في أذهان العامة حتى يصح للشارع الاتكال على ذلك، بل هي من المسائل المغفول عنها غالبا، وما هذا شأنه يلزم على الشارع التأكيد في بيانه، فعدم الدليل في مثل ذلك دليل العدم. ويصح لنا دعوى القطع بعدم اعتبار هذه الأمور في العبارة.
ثم إنه لو سلم عدم حصول القطع من ذلك فلا أقل من الشك فيه، فتجري فيه أصالة البراءة - كالشك في أصل التعبدية والتوصلية - خلافا للشيخ - قدس سره - حيث منع عن جريان البراءة في المقام جريا على مبناه: من أصالة الاشتغال في كل ما شك في دخله في العبادة مما لا يمكن أخذه في متعلق الامر.
ولكن هذا خلاف التحقيق عندنا، فان قصد القربة بفروعها - من قصد الوجه ونحوه - وإن لم يكن أخذه في المتعلق، إلا أنه لابد من أن ينتهي اعتباره إلى الشارع ولو بنتيجة التقييد، وبالآخرة يرجع الشك في التعبدية والتوصلية بفروعها إلى الأقل والأكثر.
وتوهم: الفرق بين قصد القربة وبين فروعها برجوع الشك فيها إلى الشك في المحصل لاحتمال أن يكون لقصد الوجه مثلا دخل في حصول القربة عقلا فلا تتحقق الطاعة والامتثال بدونه، فاسد، فان أقصى ما يمكن أن يدعى هو أن يكون قصد الوجه قد اعتبر قيدا في حصول القربة وتحقق الامتثال، إلا أن اعتباره على هذا الوجه إنما يكون بجعل من الشارع، وليس من المجعولات العقلية بحيث يستقل العقل باعتبار قد الوجه في حصول الطاعة، إذ ليس من وظيفة العقل اعتبار شئ قيدا أو جزء في المأمور به بل ذلك من وظيفة الشرع، فيرجع الشك بالآخرة إلى أخذ الشارع قصد الوجه قيدا في المأمور به وتجري فيه