إلى الذهن إنما هو خلاف ما ادعاه إذ المنساق من قوله: " يضعف عن صوم شهر رمضان " في رواية عبد الملك وصحيحة الحلبي إنما هو حصول المشقة بذلك مع إمكان تحمله لا العجز، والحرج المنفي في صحيحة محمد بن مسلم هو إمكان الفعل مع المشقة كما في قوله تعالى: وما جعل عليكم في الدين من حرج (1) أي مشقة وعسر.
وقد وافقنا في المقام الفاضل الخراساني مع اقتفائه أثره غالبا فقال هنا مشيرا إليه: واستدل بعض الأصحاب على القول بوجوب الكفارة بصحيحة محمد بن مسلم والحلبي ورواية عبد الملك. وفيه نظر لأن المتبادر من هذه الروايات غير العاجز بالكلية كما لا يخفى على المتأمل فيها، على أن قوله: " فإن لم يقدرا " في الخبر الأول يحتمل أن يكون المراد به إن لم يقدرا على الصوم أصلا، وعلى هذا المعنى يوافق قول المفيد ومن تبعه. انتهى. ثم نقل كلام المختلف واعترضه بما قدمنا نقله عن صاحب المدارك واقتفى أثره فيه كما هي عادته وقد عرفت ما فيه. وبالجملة فإن كلام العلامة في المختلف كما قدمنا لا يخلو من قوة.
وقد ظهر من ما حققناه أن مورد الآية والأخبار إنما هو بالنسبة إلى من يمكنه الصوم بمشقة فإنه يفطر ويفدي وهذا هو المتفق عليه، ويبقى وجوب الفدية على العاجز بالكلية عاريا عن الدليل وبه يتأيد قول الشيخ المفيد.
ولم أر من تنبه لما قلناه في معنى الآية إلا المحدث الكاشاني في الصافي والمفاتيح ولا يخفى أنه إذا لم يترجح هذا المعنى الذي ذكرناه فلا أقل أن يكون مساويا في الاحتمال لما ذكره وبه يسقط الاستدلال بالأخبار المذكورة. وبذلك صرح في المختلف فقال: ومع قبول الروايات للتأويل يسقط الاستدلال بها فإن الدليل متى تطرق إليه الاحتمال سقطت دلالته. انتهى.
إلا أنه قد روى الشيخ في التهذيب والصدوق في الفقيه عن إبراهيم بن أبي .