وما رواه في الفقيه (1) في الصحيح عن زرارة قال: " سأل زرارة أبا عبد الله عليه السلام عن صوم الدهر فقال لم يزل مكروها. وقال لا وصال في صيام ولا صمت يوما إلى الليل ".
وروى في الفقيه بسنده عن حماد بن عمرو وأنس بن محمد عن جعفر بن محمد عن آبائه (عليهم السلام) في وصية النبي صلى الله عليه وآله المذكورة في آخر الكتاب (2) قال:
" ولا صمت يوما إلى الليل.. إلى أن قال: وصوم الصمت حرام ".
والمفهوم من كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) أن هذا الصوم يقع فاسدا لمكان النهي.
قال في المدارك بعد نقل ذلك عنهم: ويحتمل الصحة لصدق الامتثال بالامساك عن المفطرات مع النية وتوجه النهي إلى الصمت المنوي ونيته وهو خارج عن حقيقة العبادة.
أقول: لا يخفى أن جملة من هذه الأخبار قد صرحت بأن صوم الصمت حرام، ومرجعه إلى تحريم الامساك على هذا الوجه، فكيف يحتمل الصحة لصدق الامتثال كما ذكره؟ والنهي ليس متوجها إلى الصمت المنوي كما ذكره بل متوجه إلى الصوم المقترن بالصمت، فإن المراد بقوله عليه السلام في صحيحة زرارة " ولا صمت يوما إلى الليل " ليس هو النهي عن الصمت مطلقا وإنما المراد الصيام صامتا وإلا لم يكن لا يراد هذا الخبر في باب الصوم وجه. ومع الاغماض عن ذلك فإنا نقول أن النهي وإن كان متوجها إلى أمر خارج عن الصيام لكن هذا الأمر مأخوذ في النية التي هي شرط في الصحة وليس الصوم مقصودا إلا بهذا القيد المحرم، وحينئذ فلا يمكن قصد القربة به مع كونه منهيا عنه ومتى بطلت النية التي هي شرط أو شطر بطل المشروط الكل.