تطرق المناقشة من الوجه الذي أشرنا إليه من حيث بعد شمول هذا العموم لخرء الطير.
واستدل في المختلف للقول المشهور بحسنة عبد الله بن سنان المتقدمة وقوله (عليه السلام) فيها: " اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه " وهي كما ترى إنما تضمنت حكم البول مع أن البول من الطير غير معلوم. وما ذكره بعضهم في تقريب الاستدلال بها من أنها لما تضمنت حكم البول ودلت على نجاسته وجب القول بذلك في الخرء لعدم القائل بالفرق فهو وإن اشتهر مثله في كلامهم من الضعف عندي بمكان لا يحتاج إلى بيان كما ستعرفه إن شاء الله تعالى في مسألة أبوال الدواب الثلاث.
ثم إن القائلين بالقول المشهور اختلفوا في الجواب عن رواية أبي بصير التي أسلفنا ذكر دلالتها على خلاف القول المشهور، فأجاب عنها في المختلف بأنها مخصوصة بالخشاف اجماعا فتختص بما شاركه في العلة وهو عدم كونه مأكولا.
واعترضه في المدارك بأن فساده واضح (أما أولا) فلمنع الاجماع على تخصيص الخشاف فإنه (قدس سره) قد حكى في صدر المسألة عن ابن بابويه وابن أبي عقيل القول بالطهارة مطلقا ونقل استثناء الخشاف عن الشيخ (قدس سره) في المبسوط خاصة.
و (أما ثانيا) فلخروج الخشاف من هذا العموم بدليل لا يقتضي كون العلة فيه أنه غير مأكول اللحم بل هذه هي العلة المستنبطة التي قد علم من مذهب الإمامية انكار العمل بها والتشنيع على من اعتبرها. انتهى. وهو جيد.
وأجيب أيضا عن الرواية المذكورة بالحمل على المأكول خاصة جمعا بينها وبين حسنة عبد الله بن سنان المذكورة من حيث دلالتها على نجاسة أبوال ما لا يؤكل لحمه من الطير وغيره.
وفيه (أولا) أن الحسنة المذكورة كما عرفت إنما تضمنت حكم البول خاصة والمدعى أعم من ذلك. ونجاسة البول لا تستلزم نجاسة الذرق بوجه كما سيظهر لك إن شاء الله تعالى في مسألة أبوال الدواب الثلاث.