الانسان بالموت (1) قال: إذ لو كان نجسا لما قبل التطهير كسائر النجاسات. وعارضه جماعة من الأصحاب: منهم العلامة في المنتهى والشهيدان في الذكرى والروض بأنه لو لم يكن نجسا لما أمر بالغسل. وفيه أنه يمكن أن يكون الغسل إنما هو للنجاسة الحكمية كنجاسة بدن الجنب بالجنابة والحائض بالحيض لا العينية، بل هذا هو الظاهر من الأخبار المتقدمة في باب غسل الجنابة الدالة على أن العلة في غسل الميت إنما هو خروج النطفة التي خلق منها حال الموت فهو جنب ولذلك أمر بتغسيله غسل الجنابة. والجواب الحق إنما هو المنع من كون النجاسات والمطهرات منحصرة في قاعدة كلية بل هي تابعة للدليل الشرعي وليس للعقل فيها مسرح، فلا منافاة بين كون نجاسة الميت بعد البرد وقبل الغسل كسائر النجاسات العينية وإن كان تطهيرها يقع بالغسل وغيرها لا يقبل التطهير إلا بالمطهرات الآتية، ألا ترى أن العصير يطهر بالنقص دون غيره وآلات النزح وجوانب البئر تطهر عندهم بتمام النزح وآلات الخمر بعد انقلابه ونحو ذلك فالاستبعاد مدفوع بما ذكرناه، وبالجملة فالظاهر من الأخبار أن نجاسة الميت بعد البرد وقبل التطهير بالغسل حكمية من جهة عينية من أخرى، فمن الجهة الأولى يجب الغسل على كل من مس الميت في تلك الحال ومن الجهة الثانية يجب غسله وغسل ما لاقاه على الخلاف المتقدم، ولا منافاة في كون الغسل رافعا للنجاسة العينية والحدثية التي في الجنب أيضا كما دلت عليه الأخبار المشار إليها إذا اقتضته الأدلة الشرعية.
(٦٨)