الخبر ليس ما توهموه وظنه السائل بناء على شهرة الخبر بينهم بل المعنى فيه والذي أراده (صلى الله عليه وآله) إنما هو أن تذكى قبل الموت وينتفعوا بإهابها وإن لم ينتفعوا بلحمها لهزالها، وهو صريح في عدم الانتفاع بجلود الميتة المؤذن بنجاستها، وينبغي تقييد قوله (عليه السلام): " الميتة لا ينتفع منها بشئ " بما كان تحله الحياة ثم عرض له الموت جمعا بين الخبر المذكور والأخبار الدالة على طهارة ما لا تحله الحياة من الميتة.
ومنها ما رواه الشيخ في الموثق عن أبي مريم (1) قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) السخلة التي مر بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهي ميتة فقال:
ما ضر أهلها لو انتفعوا بإهابها؟ قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام) لم تكن ميتة يا أبا مريم ولكنها كانت مهزولة فذبحها أهلها فرموا بها فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما كان على أهلها لو انتفعوا بإهابها " أقول: الظاهر أن مورد هذا الخبر غير سابقه. والتقريب في سؤال السائل هو ما ذكرناه من التقريب في الخبر الأول ولكن الجواب وقع عنها بأن السخلة إنما رماها أهلها بعد الذبح فهي مذكاة فمن أجل ذلك قال (صلى الله عليه وآله) إنها بعد التذكية وإن لم ينتفعوا بلحمها لهزاله إلا أن جلدها مما ينتفع به فكيف لم يأخذوه؟
ومنها ما رواه في التهذيب في الموثق عن سماعة (2) قال: " سألته عن جلود السباع ينتفع بها؟ قال إذا رميت وسميت فانتفع بجلده وأما الميتة فلا ".
ومنها ما رواه في الكافي وكذا في التهذيب عن قاسم الصيقل (3) قال:
" كتبت إلى الرضا (عليك السلام) أني أعمل أغماد السيوف من جلود الحمر الميتة فتصيب ثيابي أفأصلي فيها؟ فكتب إلي اتخذ ثوبا لصلاتك. فكتبت إلى أبي جعفر (عليه السلام) كنت كتبت إلى أبيك بكذا وكذا فصعب ذلك علي فصرت أعملها من جلود الحمر