المراد بالكراهة مطلق رجحان العدم غير مقيد بالمنع من النقيض وعدمه فكان من قبيل المتواطئ. انتهى.
أقول: فيه (أولا) ما عرفت مما أسلفنا ذكره في غير مقام من أن الجمع بين الأخبار بالكراهة والاستحباب مما لا دليل عليه من سنة ولا كتاب ولا عقل يصفو عن شوب الارتياب. و (ثانيا) أن ما أجاب به عن الخبر الأول لا يخلو من غرابة فإنه قد صرح في كتبه الأصولية وكذا غيره من المحققين بأن النهي من حيث هو حقيقة في التحريم كما أن الأمر حقيقة في الوجوب، ومقتضاه أن الحمل على الكراهة والاستحباب مجاز لا يصار إليه إلا بالقرينة، وبذلك يظهر لك ما في كلامه هنا من قوله " إن المعطوف والمعطوف عليه قد اشتركا في مطلق النهي.. الخ " فإن فيه زيادة على ما عرفت أنهما متى اشتركا في مطلق النهي والنهي حقيقة في التحريم فقد ثبت التحريم في الجميع فلا معنى لهذا الافتراق ولا دليل عليه سوى مجرد التحكم، وكذا ما أجاب به عن الرواية الثانية فإنه أغرب وأعجب فإن حمل الكراهة على مطلق رجحان العدم الشامل للتحريم والكراهة الاصطلاحية مجرد دعوى الجأت إليها ضرورة الوقوع في شباك الالزام وإلا فمعنى الكراهة لا يخرج عن التحريم أو الكراهة الاصطلاحية ولو قامت هذه الاحتمالات البعيدة والتمحلات الغير السديدة في دفع الأدلة وصرفها عن ظاهرها لا نسد باب الاستدلال إذ لا قول إلا وهو قابل للاحتمال.
والأظهر عندي هو القول المشهور من الجواز على كراهية والاستدلال بالأخبار المذكورة، والقريب فيها مبني على جواز استعمال المشترك على معنييه أو اللفظ في حقيقته ومجازه، وهو وإن منعوه في الأصول كما عرفت إلا أن ظواهر كثير من الأخبار وقوعه كما أشرنا إليه في غير مقام ومنه هذه الأخبار، والاشكال في الاستدلال بها إنما يتجه على من يعمل بهذه القواعد الأصولية ومنها هذه القاعدة، وما استندوا إليه في الخروج عن الاشكال بعد التزامهم بالقاعدة المذكورة قد عرفت ما فيه. نعم هنا احتمالات أخر أيضا في الجمع بين أخبار