عدم قبول الاجماع بين المتأخرين مطلقا ولا جعله دليلا شرعيا عنده لأن عمدة الاجماعات الأصل فيها هو الشيخ والمرتضى اللذان هما في الصدر الأول فإذا لم يعول على نقلهم الاجماع مع عدم ظهور فساده ولا مانع منه فبالطريق الأولى اجماعات المتأخرين الذين هم أبعد طبقة من معرفة أقوال المتقدمين، غاية الأمر أنه في مقام ظهور خلافه سيما إذا لم يعلم القائل به سوى المدعى أو مخالفة المدعى نفسه فيه في موضع آخر أو مخالفة غيره له فيه لا يعمل عليه، وما لم يظهر فيه شئ من ذلك ونحوه فإنه لا معنى لرده بمجرد التشهي كما لا يخفى.
و (أما ثالثا) فإن ما ذكره من أنه لا تعارض في الأخبار التي نقلها إلا بين روايتي علي بن المغيرة والفتح بن يزيد الجرجاني وبين رواية الحسين بن زرارة فحق لا ريب فيه إلا أن قوله: " والترجيح من جهة الاسناد منتف " غفلة ظاهرة قد سبقه إليها صاحب المدارك أيضا، وذلك فإن الرواية التي نقلاها عن علي بن بالمغيرة إنما نقلاها من التهذيب وهي فيه كذلك وعلي بن المغيرة المذكور مجهول ذكره ولم يتعرضوا له بمدح ولا قدح وأما في الكافي فإنما رواها عن ابن أبي المغيرة وهو ثقة كما في كتب الرجال والتحريف قد وقع من الشيخ كما لا يخفى على من له أنس بطريقته وقد نبهنا على ذلك مرارا، ويدل على ذلك أنه إنما نقل الحديث عن ابن يعقوب بالسند المذكور في الكافي ولكن حرف قلمه فسقط منه لفظ " أبي " والمحدثان الفاضلان محسن الكاشاني والشيخ الحر في الوافي والوسائل إنما نقلا الخبر بسند صاحب الكافي كما ذكرنا ولكن المحققين المذكورين لم يراجعا الكافي واعتمدا على التهذيب والحال كما ترى، وحينئذ فالرواية المذكورة صحيحة صريحة في النجاسة ورواية الحسين بن زرارة قاصرة عن معارضتها، وأقصر منها وأضعف باصطلاحهم مرسلة الصدوق التي نوه بها في المدارك واعتمد عليها، على أن أدلة القول بالنجاسة غير منحصرة في هاتين الروايتين بل هي عدة روايات قدمنا ذكرها في الموضع المشار إليه آنفا.