إليه فإن الظاهر أن كلامه هذا مبني على ما حقق عندهم في الأصول من أن خطابات القرآن إنما هي متوجهة إلى الحاضرين زمن الخطاب وانسحاب الحكم إلى من سيوجد بعد ذلك مستند إلى الاجماع، وحيث إن المسألة محل خلاف والاجماع غير محقق منع عموم الخطاب في الآية المذكورة. وفيه أنه لا حاجة بنا في اثبات العموم إلى الاجماع بل الأخبار بحمد الله سبحانه بذلك مكشوفة القناع وهي الأحرى والأحق في ذلك بالاتباع، ومنها ما رواه في الكافي عن أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) في حديث قال: " لو كانت إذا نزلت آية في رجل ثم مات الرجل ماتت الآية مات الكتاب والسنة ولكنه حي يجري في من بقي كما جرى في من مضى " وهو صريح الدلالة واضح المقالة في المراد. وما رواه في الكافي والتهذيب عن أبي عمرو الزبيري عن الصادق (عليه السلام) (1) حين سأله عن أحكام الجهاد، وساق الخبر إلى أن قال (عليه السلام):
" فمن كان قد تمت فيه شرائط الله الذي وصف بها أهلها من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) وهو مظلوم فهو مأذون له في الجهاد كما إذن لهم لأن حكم الله في الأولين والآخرين وفرائضه عليهم سواء إلا من علة أو حادث يكون والأولون والآخرون أيضا في منع الحوادث شركاء والفرائض عليهم واحدة يسأل الآخرون عن أداء الفرائض كما يسأل الأولون ويحاسبون كما يحاسبون " وما رواه الصدوق في العلل (2) عن الرضا عن أبيه (عليهما السلام) " أن رجلا سأل الصادق (عليه السلام) ما بال القرآن لا يزداد على النشر والدرس إلا غضاضة؟ فقال إن الله تعالى لم يجعله لزمان دون زمان ولناس دون ناس فهو في كل زمان جديد وعند كل قوم غض إلى يوم القيامة " إلى غير ذلك من الأخبار التي يقف عليها المتتبع، وبذلك يظهر لك أن المرجع في عموم تلك الخطابات إنما هو إلى هذه الأخبار ونحوها، على أن الأخبار الواردة بتفسير هذه