تكلف تناول دليل العفو في أصل المسألة له بل يكفي فيه كونه مقتضى الأصل فإن ايجاب الإزالة والاجتناب تكليف والأصل براءة الذمة منه وإنما احتاجوا في حكم الثوب الملبوس والبدن إلى التمسك بغير هذا الوجه لقيام الدليل على منافاة النجاسة فيهما لصحة الصلاة كما مرت الإشارة إليه فيتوقف استثناء بعض النجاسات على الحجة، ولولا ذلك لكان الأصل دليلا قويا في الجميع. انتهى. وهو جيد، ويؤيده أن المتبادر من قولهم (عليهم السلام) (1) " لا يجوز الصلاة في النجاسة " و " لا تصح الصلاة في الذهب " (2) إنما هو ما كان ملبوسا من هذه الأشياء تحقيقا للظرفية فلا يدخل فيه المحمول ومرجع كلامه (قدس سره) إلى ما ذكرناه، وعلى هذا فلا وجه لتخصيص الكلام بالدم اليسير بل ولو كان أكثر من درهم والحال أنه محمول غير ملبوس، وإلا فلو لم يلحظ ما ذكرناه لكان للمناقشة فيه مجال فإنه إن أسلم صدق الصلاة فيه في تلك الحال دخل تحت عموم الأدلة المانعة من الصلاة في النجاسة كالثوب الملبوس والبدن النجسين فيحتاج الاستثناء إلى دليل ولا يمكنه التمسك هنا بالأصل، وإن منع ذلك كما ذكرنا تم ما ذكره من الاستناد إلى الأصل لعدم دخوله تحت عموم الأدلة المانعة فيبقى على الاطلاق ويصح التمسك فيه بالأصل وتوقف الاجتناب على الدليل، وبه يظهر لك أنه لا فرق في المقام بين كون النجاسة المحمولة أقل من الدرهم وأكثر وكذا سائر ما دلت الأخبار على عدم صحة الصلاة فيه من الذهب والحرير ونحوهما إذا كان محمولا فإنه تصح الصلاة معه بالتقريب المذكور، إلا أن كلامهم بالنسبة إلى المحمول وصحة الصلاة معه إذا كان مما لا تصح الصلاة فيه لا يخلو من اضطراب كما سيمر بك إن شاء الله تعالى.
(٣٢٢)