النجاسة له وإن لاقته واقعا لا ما لم تلاقه النجاسة لأنه تكليف بما لا يطاق وهو مردود عقلا ونقلا، وحينئذ فإذا صلى المصلي في الثوب المذكور فقد امتثل أمر الشارع وصارت صلاته صحيحة شرعية إذا خلت من سائر المبطلات.
و (ثانيها) ما أسلفناه من الأخبار الدالة على المنع من الأخبار بالنجاسة وإن كان في أثناء الصلاة، ولو كان الأمر كما يدعونه من كون النجاسة والطهارة ونحوهما إنما هو باعتبار الواقع ونفس الأمر وإن تلبس المصلي بالنجاسة جاهلا موجب لبطلان صلاته واقعا فكيف يحسن من الإمام (عليه السلام) المنع من الايذان بها في الصلاة كما في صحيح محمد بن مسلم أو قبلها كما هو أحد الوجهين في رواية ابن بكير وهل هو بناء على ما ذكروه إلا من قبيل التقرير على تلك الصلاة الباطلة والمعاونة على الباطل؟ ولا ريب في بطلانه.
و (ثالثها) أنه يلزم على ما ذكروه عدم الجزم بصحة شئ من العبادات إلا نادرا كما اعترف به شيخنا الشهيد الثاني فيما قدمنا من عبارته في شرح الرسالة، وبنحوه صرح المحدث السيد نعمة الله الجزائري على أثر الكلام الذي قدمنا نقله عنه في أصل المسألة حيث قال: وبهذا التحقيق يظهر لك بطلان ما ذهب إليه جماعة من الأصحاب من أن من تطهر بماء نجس فاستمر الجهل به حتى مات فصلاته باطلة غايته عدم المؤاخذة عليها لامتناع تكليف الغافل، ولو صح هذا الكلام لوجب فساد جميع العبادات المشروطة بالطهارة لكثرة النجاسة في نفس الأمر. انتهى. وبذلك يظهر لك أن الأصح هو صحة صلاة المصلي بالنجاسة جهلا ظاهرا وواقعا واستحقاق الثواب عليها، وبه يتضح أنه لا وجه للانفراد في أثناء الصلاة بسبب رؤية النجاسة كما ذكره المجيب والمحقق الشيخ علي.
(فإن قيل): ما ذكرتموه متجه على تقدير حمل الإمام على كونه بالنجاسة أما مع احتمال العلم بها ونسيانها وقت الصلاة فالمشهور بين الأصحاب وجوب الإعادة في الوقت وقيل في خارجه أيضا، وعليه فلا يتم ما ذكرتم لأن وجوب الإعادة كاشف عن البطلان