وما ذكره من عدم الائتمام ووجوب الانفراد على المأموم فقد نقل شيخنا أبو الحسن الشيخ سليمان البحراني في رسالته في الصلاة عن المحقق الشيخ علي نحوه ثم نقل عن بعض المتأخرين الجواز ثم تنظر في الجواز أولا ثم قال بعد نقل القول به: ولا يخلو من قوة. ولم ينقل دليلا في المقام نفيا ولا اثباتا.
أقول: وتحقيق القول في ذلك مبني على مسألة أخرى وهي أن من صلى في النجاسة جاهلا بها هل صلاته والحال هذه صحيحة واقعا وظاهرا أو تكون صحيحة ظاهرا باطلة واقعا إلا أنه غير مؤاخذ لمكان الجهل بالنجاسة؟ ظاهر الأصحاب كما صرح به شيخنا الشهيد الثاني في شرح الألفية هو الثاني حيث قال في مسألة ما لو تطهر بالماء النجس جاهلا وأن ذلك مبطل لصلاته ما صورته: حتى لو استمر الجهل به حتى مات فإن صلاته باطلة غايته عدم المؤاخذة عليها لامتناع تكليف الغافل، هذا هو الذي يقتضيه اطلاق العبارة وكلام الجماعة، ولا يخفى ما فيه من البلوى فإن ذلك يكاد يوجب فساد جميع العبادات المشروطة بالطهارة لكثرة النجاسات في نفس الأمر وإن لم يحكم الشارع ظاهرا بفسادها. فعلى هذا لا يستحق عليها ثواب الصلاة وإن استحق أجر الذاكر المطيع بحركاته وسكناته إن لم يتفضل الله تعالى بجوده عليه. انتهى. وحينئذ فإن قلنا بما ذكره شيخنا المذكور ونقله عن الأصحاب فإنه يتجه كلام هؤلاء القائلين بتعين الانفراد ومنه الاقتداء، والظاهر أن ما ذكروه في المسألة مبني على ذلك لظهور بطلان صلاة الإمام عند المأموم العالم بالنجاسة فلا يجوز له الاقتداء بصلاة باطلة وإن كانت صحيحة في نظر الإمام لجهله بالنجاسة، وربما احتمل على هذا وجوب الاعلام واندرج تحت الأمر بالمعروف كما ذكره العلامة أيضا.
إلا أن الأظهر عندي هو الأول لوجوه: (أحدها) ما قدمنا تحقيقه من أن الشارع لم يجعل الحكم بالطهارة والنجاسة منوطا بالواقع ونفس الأمر وإنما رتبه على الظاهر في نظر المكلف فأوجب عليه الصلاة في الثوب الطاهر أي ما لم يعلم بملاقاة