وتعديها، وحينئذ لا يثبت الحكم بالنجاسة فتعين الحمل على التنزيه والاستحباب كما ذكره الأصحاب، وأما بالنسبة إلى الكلب فإن علم أيضا تعدي لعابه إليه وإلا فالحكم فيه كذلك، وبالجملة فالتمسك بأصالة الطهارة أقوى متمسك حتى يظهر ما يوجب الخروج عنه، وحينئذ فلم يبق إلا تلك الرواية فتعين التأويل فيها البتة إما بالحمل على ما ذكره الأصحاب من الاستحباب أو الحمل على التقية فإن القول بنجاسة الفأرة مذهب بعض العامة كما ذكره في المنتهى، على أنه لا يشترط عندنا في الحمل على التقية وجود القائل كما تقدم تحقيقه في مقدمات الكتاب.
وأما بالنسبة إلى الوزغة فقد عرفت دلالة صحيحة علي بن جعفر الأولى على الطهارة فيها مع اعتضادها بالأصل وأن الوزغة ليست بذي نفس وميتتها طاهرة اجماعا، والحكم بالنجاسة في حال الحياة والطهارة بعد الموت غير معقول ولا معهود من الشرع وإنما المعهود العكس، ومجرد النزح المذكور لا يستلزم النجاسة كما وقع في أخبار نزح سبع دلاء لدخول الجنب واغتساله مع اتفاقهم على اعتبار طهارة بدنه من المني وإلا لوجب له بقدر المني، على أنه يمكن حمل الخبر على رجوع ذلك إلى الفأرة بالخصوص باعتبار أن السؤال وقع عن وقوع الفأرة والوزغة معا لا كل بانفراده، والتأويل بذلك تفاديا من الطرح غير بعيد ومثله غير عزيز.
وأما بالنسبة إلى الثعلب والأرنب كما اشتملت عليه مرسلة يونس فهي أيضا معارضة بالأصل وبما دل من الأخبار على قبول هذا الأشياء مثل الثعلب والسباع للتذكية، ومن المعلوم أن نجس العين كالكلب والخنزير لا يقبل التذكية ولا يطهر بها، فمما ورد في الثعلب ما رواه الشيخ عن صفوان عن جميل عن الحسن بن شهاب (1) قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن جلود الثعالب إذا كانت ذكية أيصلى فيها؟ قال نعم " وعن عبد الرحمان بن الحجاج (2) قال: " سألته عن اللحاف من الثعالب أو الجرز منه أيصلي