بنجاسته شرعا فهو مؤثر في تنجيس ما يلاقيه برطوبة، والخلاف هنا وقع من العلامة وابن إدريس والمحدث الكاشاني:
أما العلامة فلما صرح به في المنتهى في نجاسة ميت الآدمي كما قدمنا نقله من أنه لو مسه يابسا ولاقى ببدنه بعد ملاقاته للميت رطبا لم يؤثر في تنجيسه لعدم دليل التنجيس وثبوت الأصل الدال على الطهارة. وأنت خبير بما فيه فإن النصوص المشار إليها آنفا قد دلت على وجوب غسل الملاقي لبدن الميت مطلقا وما ذاك إلا لنجاسته لأن أكثر النجاسات إنما استفيد الحكم بنجاستها من الأمر بغسلها وإزالتها ونحوه مما تقدم ذكره في غير مقام، ومن حكم النجس تعدي نجاسته لملأ يلاقيه برطوبة كما هو المستفاد من الأخبار في غير مقام، ولعله بنى على أن الأمر بالغسل لا يستلزم حصول التنجيس إذ هو أعم من ذلك، وفيه ما عرفت. ثم العجب من العلامة فيما قدمنا من كلاميه في ميتة الآدمي وميتة غيره في المنتهى حيث جزم بكون النجاسة في الأول في صورة الملاقاة باليبوسة حكمية واستشكل في الثاني في الصورة المذكورة في كونها حكمية أو عينية، مع أنه في ميتة الآدمي لم يتوقف في حصول التنجيس بها بين كون الملاقاة برطوبة أو يبوسة وفي ميتة غير الآدمي توقف في النجاسة مع اليبوسة كما عرفت.
وأما ابن إدريس فإنه قال في السرائر بعد الكلام في التغسيل: " ثم ينشفه بثوب نظيف ويغتسل الغاسل فرضا واجبا في الحال أو فيما بعد فإن مس مائعا قبل اغتساله وخالطه لا يفسده ولا ينجسه، وكذلك إذ لاقى جسد الميت من قبل غسله إناء ثم أفرغ في ذلك الإناء قبل غسله مائع فإنه لا ينجس ذلك المائع وإن كان الإناء يجب غسله لأنه لاقى جسد الميت وليس كذلك المائع الذي حصل فيه لأنه لم يلاق جسد الميت، وحمله على ذلك قياس وتجاوز في الأحكام بغير دليل، والأصل في الأشياء الطهارة إلى أن يقوم دليل قاطع للعذر وإن كنا متعبدين يغسل ما لاقى جسد الميت لأن هذه نجاسات حكميات وليست عينيات والأحكام الشرعية نثبتها بحسب الأدلة الشرعية. ولا خلاف أيضا بين الأمة كافة أن المساجد يجب أن تنزه وتجنب النجاسات