غناه وبراءته من مشيئة القبائح وإرادتها والرسل أخبروا بذلك فمن علق وجود القبائح من الكفر والمعاصي بمشيئة الله وإرادته فقد كذب التكذيب كله وهو تكذيب الله عز وجل وكتبه ورسله ونبذ أدلة العقل والسمع وراء ظهره.
قال في الذخيرة بعد الكلام في المقام ونقل الخلاف وذكر نحو مما ذكرناه: وإذ قد عرفت أن العمدة في اثبات نجاسة الكفار على أصنافها هو الاجماع وهو غير جار في محل النزاع كان القول بالنجاسة هنا عاريا عن الدليل، ولا يبعد القول بالطهارة تمسكا بظاهر ما رواه ابن بابويه في كتابه (1) حيث قال: " سئل علي (عليه السلام) أيتوضأ من فضل وضوء جماعة المسلمين أحب إليك أو يتوضأ من ركو أبيض مخمر؟ فقال لا بل من فضل جماعة المسلمين فإن أحب دينكم إلى الله الحنيفية السمحة السهلة " إذ هذه الرواية معتضدة بالأصل سالمة عن المعارض أو الظاهر أن المسلم شامل لمن أظهر الشهادتين إلا من خرج بالدليل، إذ يلزم منه طهارة سؤرهم ثم يلزم عموم الحكم إذ الظاهر عدم القائل بالفصل. انتهى. أقول: الظاهر أن هذه الرواية هي التي أشار إليها المحقق فيما قدمنا نقله عنه صدر المسألة من أنه ادعى دلالة ظواهر بعض الأخبار على الطهارة وقد تقدمت أيضا في كلامه الذي قدمناه في المسألة الأولى.
ثم أقول: لا يخفى أن ما طول به الأصحاب المقال في هذا المجال وتعسفوه من الاستدلال وكثرة الأقوال مع ما فيه من الاشكال بل الاختلال كله إنما نشأ من القول باسلام المخالفين وإلا فإنه على القول بكفرهم ونصبهم ونجاستهم كما أوضحناه فيما تقدم لا ثمرة لهذا البحث ولا خصوصية لهذه الفرق في البحث دون غيرهم من ذوي الخلاف، وما ذكره صاحب الذخيرة جريا على مذهبه وتصلبه ومبالغته في القول باسلام المخالفين فهو أوهن من بيت العنكبوت وأنه لأوهن البيوت، وقد تقدم تحقيق البحث في المسألة الأولى مستوفى بحمد الله تعالى وتقدم الكلام في خبره المذكور في الكلام على كلام المحقق الذي هو الأصل في هذا القول المذكور. والله هو العالم.