واستشكل ذلك في بحث الجهاد بعدم الدليل عليه واقتضاء الاستصحاب بقاءه على النجاسة إلى أن يثبت المزيل، ثم ذكر أن ظاهر الأصحاب عدم الخلاف بينهم في طهارته والحال هذه إنما اختلفوا في تبعيته للمسلم في الاسلام بمعنى ثبوت أحكام المسلم له وهذا أمر آخر زائد على الحكم بالطهارة كما لا يخفى، وصرح الشهيد في الذكرى ببناء الحكم بطهارته أو نجاسته على الخلاف في تبعيته للمسلم وعدمها حيث قال: ولد الكافر نجس ولو سباه مسلم وقلنا بالتبعية طهر وإلا فلا. والتحقيق أن احتمال بقاء النجاسة بعد سبي المسلم له ضعيف لما قد ظهر من انحصار المقتضي للتنجيس قبله في الاجماع إن ثبت ولا ريب في انتفائه بالنظر إلى ما بعده، والتمسك باستصحاب النجاسة مردود بمنع العمل بالاستصحاب في مثله كما بيناه في محله من مقدمة الكتاب، وبه يظهر جودة احتجاج العلامة وجماعة للحكم بطهارته حينئذ بأصالة الطهارة السالمة عن معارضة يقين النجاسة، وضعف مناقشة بعض الأصحاب فيه بأن الأمر بالعكس لأن النجاسة تحققت بمجرد الولادة فيجب استصحابها وهو أصل سالم عن معارضة يقين الطهارة، وتوضيح وجه الجودة والضعف إنه لا ريب في أن الأصل في الأشياء كلها الطهارة إلى أن يقوم على خلافها دليل وحيث إن الدليل المخرج عن حكم الأصل في موضع النزاع مخصوص بالحالة السابقة على السبي فالقدر المتحقق من المخالفة لأصالة الطهارة هو ذاك وما عداه باق على حكم لعدم قبول الاستصحاب إذا كان دليل الحكم المستصحب مقيدا بحال كما مر. انتهى.
أقول: ما ذكره واختاره وقبله صاحب المدارك من القول بالطهارة بعد السبي بناء على عدم عموم دليل الكفر وشموله لما بعد السبي جيد بناء على ما ذكروه من عدم الدليل على الكفر إلا الاجماع وهو غير شامل لموضع النزاع، وأما على ما ذكرناه من الأخبار الواضحة المنار فإنه لا يصح هذا الكلام ولا ما ابتنى عليه في المقام فإن ظاهر الأخبار كما ترى تبعية الولد لأبويه في الكفر إلى يوم القيامة فيخلد معه في النار أو يمتحن بتأجيج نار له، وبه يضمحل هذا البحث الذي أكثروا فيه من القيل والقال والجواب