مالك في ذلك، ووافقنا أبو يوسف ومحمد في نصاب الحبوب فإنه: خمسة أوسق، وقال أبو يوسف: الصاع خمسة أرطال وثلث، كما قال الشافعي، وقال أبو حنيفة ومحمد: الصاع ثمانية أرطال.
دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه في أنه لا عشر إلا في الأصناف التي ذكرناها بعد الاجماع المتقدم ما روي من أن النبي لما بعث معاذا إلى اليمن قال: لا تأخذ العشر إلا من أربعة من الحنطة والشعير والكرم والنخل. وأيضا فإن الأصل نفي وجوب الزكاة عن الأموال، فمن ادعى فيما نفينا عنه الزكاة حقا فعليه الدليل والأصل معنا.
وأما الدليل على اعتبار النصاب وهو خمسة أوسق فهو الاجماع المتردد ذكره ، وأيضا فإن ما نقص عن الأوساق التي ذكرناها الأصل ألا حق فيه وعلى مدعي الحق فيما نقص عن النصاب الذي اعتبرناه الدليل، وأيضا ما رواه أبو سعيد الخدري من أن النبي ص قال: ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة ولا زكاة، قلنا: العشر زكاة، بدليل ما رواه عتاب بن أسيد: أن النبي ص أمر أن يخرص الكرم كما يخرص النخل ثم يؤدى زكاته زبيبا كما يؤدى زكاة النخل تمرا. وأيضا فما يدل على المسألة ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي ص قال: ما سقته السماء ففيه العشر وما سقى بنضح أو غرب ففيه نصف العشر إذا بلغ خمسة أوسق، فإن احتجوا بما روي عنه ع أنه قال: فيما سقت السماء العشر، قلنا هذا خبر عام والخبر الذي رويناه يخصصه بل سائر ما ذكرناه من الأدلة مخصص له.
فأما الذي يدل على أن الصاع تسعة أرطال بعد الاجماع المتكرر ذكره أنه لا خلاف في أن من أخرج وقد وجب عليه صاع تسعة أرطال فقد برئت ذمته مما أوجب عليه بيقين وليس كذلك إذا أخرج ثمانية أو خمسة وثلث، فإذا كان الواجب فيما يثبت بيقين في الذمة أن تيقن سقوطه عن الذمة وجب في الصاع ما حددناه لأن من أخرجه تيقن براءة ذمته.