تحمل عليها وتسقي من لبنها.
فإن قالوا: ظاهر قوله تعالى: وآتوا حقه، يقتضي الوجوب وما ذكرتموه ليس بواجب.
قلنا: إذا سلمنا أن ظاهر الأمر في الشرع يقتضي الوجوب كان لنا طريقان من الكلام:
أحدهما أن نقول أن ترك ظاهر من الكلام ليسلم ظاهر آخر له كترك ذلك الظاهر ليسلم هذا، وأنتم إذا حملتم الأمر على الوجوب هاهنا تركتم تعليق العطاء بوقت الحصاد، ونحن إذا حملنا الأمر في الآية على الندب يسلم لنا ظاهر تعلق العطاء بوقت الحصاد، وليس أحد الأمرين كصاحبه وأنتم المستدلون بالآية فخرجت من أن تكون دليلا لكم.
والطريق الآخر: إنا لو قلنا بوجوب هذا العطاء في وقت الحصاد وإن لم يكن مقدرا بل موكولا إلى اختيار المعطى لم تكن بعيدا من الصواب، فإن تعلقوا بقوله تعالى: أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض، فإن المراد بالنفقة هاهنا الصدقة بدلالة قوله تعالى: والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله، يعني لا يخرجون زكاتها، فالجواب عن ذلك أن اسم النفقة لا يجري على الزكاة إلا مجارا ولا يعقل من إطلاق لفظ الانفاق إلا ما كان في المباحات وما جرى مجراها، ثم لو سلمنا ظاهر العموم لجاز تخصيصه ببعض الأدلة التي ذكرناها.
فإن قيل: كيف تدعون إجماع الإمامية وابن الجنيد يخالف في ذلك ويذهب إلى أن الزكاة واجبة في جميع الحبوب التي تخرجها الأرض وإن زادت على التسعة الأصناف التي ذكرتموها، وروي في ذلك أخبارا كثيرة عن أئمتهم ع وذكر أن يونس كان يذهب إلى ذلك؟
قلنا: لا اعتبار بشذوذ ابن الجنيد ولا يونس وإن كان يوافقه، والظاهر من مذهب الإمامية ما حكيناه. وقد تقدم إجماع الإمامية وتأخر عن ابن الجنيد