الظاهر، فإن تعلقوا بقوله تعالى: وآتوا حقه يوم حصاده، وأنه عام في جميع الزروع وغيرها مما ذكره في الآية، فالجواب عنه أنا لا نسلم أن قوله تعالى: وآتوا حقه يوم حصاده، يتناول العشر أو نصف العشر المأخوذ على سبيل الزكاة، فمن ادعى تناوله لذلك فعليه الدلالة.
وعند أصحابنا أن ذلك يتناول ما يعطي المسكين والفقير والمجتاز وقت الحصاد من الحفنة والضغث، فقد رووا ذلك عن أئمتهم ع فمنه ما روي عن أبي جعفر ع في قوله تعالى: وآتوا حقه يوم حصاده، قال: ليس ذلك الزكاة ألا ترى أنه تعالى قال: ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين، وهذه نكتة منه ع مليحة لأن النهي عن السرف لا يكون إلا فيما ليس بمقدر، والزكاة مقدرة.
وروي عن أبي عبد الله ع أنه قيل له: يا ابن رسول الله وما حقه؟
قال: تناول منه المسكين والسائل، والأحاديث بذلك كثيرة، ويكفي احتمال اللفظ، وإن كان يقوى هذا التأويل أن الآية تقتضي أن يكون العطاء في وقت الحصاد، والعشر المفروض في الزكاة لا يكون في تلك الحال لأن العشر مكيل ولا يؤخذ إلا من مكيل، وفي وقت الحصاد لا يكون مكيلا ولا يمكن كيله، وإنما يكال بعد جفافه وتذريته وتصفيته، فتعليق العطاء بتلك الحال لا يليق إلا بما ذكرناه.
ويقوى أيضا هذا التأويل ما روي عن النبي ص من النهي عن الحصاد والجذاذ بالليل، فالجذاذ هو صرام النخل وإنما نهى ع عن ذلك لما فيه من حرمان المساكين عما ينبذ إليهم من ذلك، وما يقوله قوم في هذه الآية من أنها مجملة فلا دليل لهم فيها ليس بصحيح لأن الاجمال هو مقدار الواجب لا الموجب فيه.
فإن قيل: قد سماه الله تعالى حقا وذلك لا يليق إلا بالواجب.
قلنا: قد يطلق اسم الحق على الواجب والمندوب إليه، وقد روى جابر أن رجلا قال: يا رسول الله هل على حق في إبلي سوى الزكاة؟ فقال ع: نعم