الفقير المجتاز من الزرع وقت الحصاد على جهة التبرع؟ وليس له أن ينكر وقوع لفظة حق على المندوب لأنه قد روي من طريقه أن رجلا قال: يا رسول الله هل على حق في إبلي سوى الزكاة؟ فقال ع: نعم تحمل عليها ويسقي من لبنها.
ويشهد بصحة ما قلناه في الآية أمور أربعة: أحدها: ورد الرواية بذلك عندنا وثانيها: قوله تعالى: ولا تسرفوا، لأن الزكاة الواجبة مقدرة والسرف لا ينهى عنه في المقدر وثالثها: أن عطاء الزكاة الواجبة في وقت الحصاد لا يصح بعد الداسر والتصفية من حيث كانت مقدارا مخصوصا من الكيل وذلك لا يؤخذ إلا من مكيل ورابعها: ما روي من نهيه ع عن الحصاد والجذاذ وهو صرم النخل بالليل وليس ذلك إلا لما فيه من حرمان الفقراء والمساكين كما قلناه.
وقوله تعالى: أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض، لا يصح أيضا التعلق به لأنا لا نفهم أن اسم الانفاق يقطع بإطلاقه على الزكاة الواجبة بل لا يقع بالإطلاق إلا على غير الواجب ولو سلمنا ذلك لخصصنا الآية بالدليل، وتعلق المخالف بقوله تعالى: خذ من أموالهم صدقة، وأن ذلك يدخل فيه عروض التجارة وغيرها متروك الظاهر عندهم لأنهم يضمرون أن تبلغ قيمة العروض مقدار النصاب، وإذا عدلوا عن الظاهر لم يكونوا بذلك أولى من مخالفهم إذا عدل عنه وخص الآية بالأصناف التي أجمع على وجوب الزكاة فيها وبهذا نجيب عن تعلقهم بقوله تعالى: وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم، وأيضا فسياق هذه الآية يدل على أنها خارجة مخرج المدح المذكورين فيها بما فعلوا وعلى هذا يكون معناها ويعطون من أموالهم حقا للسائل والمحروم وإعطاؤهم قد يكون ندبا كما يكون واجبا لأن المدح جائز على كل واحد منهما.
وقوله تعالى: وآتوا الزكاة، لا يصح لهم أيضا التعلق به لأن اسم الزكاة شرعي فعليهم أن يدلوا على أن في عروض التجارة وغيرها مما ينفي وجوب الزكاة زكاة فيه حتى يتناولها الاسم فإن ذلك غير مسلم لهم، وقوله ع: حصنوا أموالكم بالصدقة لا دليل لهم أيضا فيه لأنه خبر واحد ثم هو مخصوص بما قدمناه على