ومنها: ما دل على جواز هبة العبد لمولاه كما في صحيحة ابن مسلم المتقدمة، ورواية إسحاق بن عمار: " قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما تقول في رجل وهب لعبده ألف درهم أو أقل أو أكثر، يقول له: حللني من ضربي إياك، ومن كل ما كان مني إليك، ومما أخفتك وأرهبتك، فيحلله ويجعله في حل رغبة فيما أعطاه، ثم إن المولى بعد أصاب الدراهم التي أعطاه في موضع قد وضعها فيه العبد، فأخذها المولى، أحلال هي له؟ قال: لا تحل له، لأنه افتدى بها نفسه من العبد مخافة العقوبة والقصاص يوم القيامة. فقلت له: فعلى العبد أن يزكيها إذا حال عليها الحول؟ قال: لا إلا أن يعمل له بها، ولا يعطى العبد من الزكاة شيئا ... الخبر " (1).
ولا ينافيه ما تضمنه الخبر من حرمة الاسترداد، لما سبق من جواز الانتزاع إجماعا، لأن ما أعطاه هنا إنما كان لأجل استرضائه وتحليله مما له عليه من الحقوق الأخروية، فاستردادها موجب لرجوع الحقوق إلى العبد، فالنهي عن أخذ الشئ ليس (2) من جهة عدم تملك المولى لها (3)، بل من جهة أن مقتضى الافتداء: رجوع المبذول إلى ما كان له إذا رجع الباذل في البذل، نظير رجوع المختلعة في البذل.
ومنها: ما دل على أنه لا ربا بين السيد وعبده (4)، فإن معناه تجويز المعاملة الربوية بينهما، ولا يتحقق إلا على تقدير مالكية العبد.