ثم إن المتبادر من الصدقة [سيما في أدلة التحريم] (1) سيما المعللة منها بكون (2) قبولها سببا للمهانة والذلة، هو (3) ما عن المنتهى في مقام الجواب عن احتجاج المحقق على جواز الصدقة المندوبة للنبي صلى الله عليه وآله، بأنه كان يقترض ويقبل الهدية، وكل ذلك صدقة، لقوله عليه السلام: " كل معروف صدقة " (4).
قال في المنتهى: وفيه نظر، لأن المراد بالصدقة المحرمة ما يدفع من المال إلى المحاويج على سبيل سد الخلة، ومساعدة الضعيف طلبا للأجر، لا ما جرت العادة بفعله على سبيل التودد كالهدية والقرض، ولذا لا يقال للسلطان إذا قبل هدية بعض رعيته: إنه تصدق عنه (5) (انتهى). وحكى نحوه عنه في النهاية (6)، وهو حسن (7) على وجه المعونة وسد الخلة والتحرم، لا مطلق ما يملك مجانا قربة إلى الله كإهداء الهدية والإضافة بنية القربة، فإن الظاهر إنها لا تدخل في أدلة حرمة التصدق، وإلا فقد ورد: " إن كل معروف صدقة " (8).
ثم إنه لا خلاف في عدم تحريم الصدقة المندوبة، وبه وردت أخبار كثيرة (9)، إلا أن في بعض الأخبار ما يدل على نهي الإمام عن ماء المسجد معللا بأنها صدقة (10)، وقد اشتهر حكاية منع سيدتنا زينب أو أم كلثوم عليهما السلام