نفسه، والمفروض أنه لم يلتزم إلا بالتصدق بمعنى إحداث ملكية الفقير له ونقله إليه بقصد القربة، حيث إنها في ملك الناذر قبل النذر فيجب عليه بمقتضى لزوم الوفاء بما التزم على نفسه أن يدفعه إلى الفقير على وجه التمليك، ولازم وجوب الدفع على هذا الوجه هو بقاؤه في ملكه بعد النذر ليتحقق طلب الدفع على الوجه المذكور، إذ الحاصل لا يطلب.
فالتحقيق: إن نذر الصدقة (1) إنما يفيد وجوب التمليك لا حصول التملك. نعم الظاهر منع الناذر من التصرف فيه بما ينافي النذر، ووقوع تصرف المنافي باطلا، لا لاقتضاء النهي للفساد، ولذا لا نقول به لو نذر ترك البيع، بل لعموم الأمر بالوفاء بالنذر الشامل لما بعد التصرف المنافي فيلزم بطلانه، مثلا إذا باع المال المنذور فمقتضى عموم الأمر بالوفاء بالنذر وجوب التصدق بما باعه الناذر، ولا يتحقق ذلك إلا ببطلان البيع.
ودعوى أن وجوب الوفاء مشروط ببقاء محله، وهو بقاء العين في ملك الناذر، فإذا باع - والمفروض صحة البيع لأجل العمومات - لم يبق محل للوفاء.
مدفوع، بأن إطلاق وجوب الوفاء بالنذر المتقدم على البيع، أو عمومه الشامل لما بعد البيع كاشف عن عدم فوات محله بمجرد البيع، فتأمل.
وإن شئت توضيح ذلك فقس حال إثبات بطلان العقود الناقلة بأدلة الوفاء بالنذر على إثبات لزوم العقود، وبطلان العقود الناقلة الحاصلة من البائع مثلا، بأدلة الوفاء بالعقود، وكما أن وجوب الوفاء بما أنشأه البائع وحرمة نقيضه على الاطلاق يدل على بطلان النقض وما يوقعه من النواقل بعد القبض (2)، وإلا فمجرد الأمر التكليفي بالوفاء وحرمة النقض (3) غايته ترتب (4) الإثم على ايقاع