وأما في سبيل الله فقد عرفت المنع من إعانتهم وسد خلتهم من الزكاة، وأما إذا أريد به مجرد وجود الفعل الذي هو السبيل، فإن كان ذلك الفعل (1) مع مباشرة المخالف له سبيلا وقربة بأن لم يكن من العبادات، بل كان من الأمور المحصلة للغرض من أي فاعل صدرت (2)، كالغزو ودفع الخوف من طرق المسلمين ونحو ذلك، فالظاهر أنه يجوز الدفع، لأن الفعل المذكور هو الذي صرف فيه الزكاة نظير بناء القناطر والمساجد، والفاعل له بمنزلة الآلة، والأخبار المانعة إنما تمنع من صرف الزكاة إلى المخالف ووضعها فيه، وفيما نحن فيه لم توضع إلا في تحصيل الفعل المذكور في الخارج (3)، وهذا ظاهر لمن تدبر الأخبار وتأملها تأملا قليلا، وقد مر هذا أيضا في اعتبار الفقر في سهم سبيل الله.
ومما ذكرنا يعلم أن ما ذكرنا لا ينافي الحصر في قوله عليه السلام: " إنما موضعها أهل الولاية " (4)، كما لم يناف قوله عليه السلام: " لا تحل الصدقة لغني " (5) ما تقدم (6) منا من جواز دفع حصة سبيل الله إلى الغني إذا قصد الدافع صرفها في الفعل الذي يوجد منه، ولوحظ الفاعل فيه بمنزلة الآلة، قال الشهيد في نكت الإرشاد عند قول المصنف قدس سره: " ويشترط في المستحقين الايمان والعدالة ": إن في جمع (7) " المستحقين " بصيغة من يعقل فائدة، وهي: أن سبيل الله عند جاعله للعموم لا يتصور في بعض موارده اشتراط الايمان (8).
ثم إن ظاهر إطلاق معظم الأخبار، وكثير من الفتاوى - كصريح البعض