وكيف كان، فالأقوى ما عليه المتأخرون، والأحوط ما عليه القدماء.
ثم إن الفرق بين اعتبار العدالة، سواء جعلناها الملكة أو حسن الظاهر واعتبار مجانبة الكبائر، غير خفي كما نبهنا عليه سابقا (1) وإن قلنا بعدم أخذ ترك منافيات المروة في تعريف العدالة. نعم لو أريد ملكة مجانبة الكبائر - كما هو ظاهر لفظ المجانبة والتجنب - توجه ما ذكره الشهيد الثاني (2): من أن اعتبار ذلك يرجع إلى اعتبار العدالة، بناء على عدم أخذ المروة فيها هنا. إلا أن اهمال المروة في العدالة مختص بالشهيد في النكت (3)، وهو مخالف لاطلاق المعظم: القول باشتراط العدالة بناء على دخول المروة في مفهومها كما يظهر منهم في باب الجماعة.
ثم إن أكثر أدلة القدماء إنما تدل (4) على مانعية الفسق لاشتراط العدالة، وهو أيضا معقد الاجماع المحكي عن السيد حيث قال: ومما انفردت به الإمامية القول بأن الزكاة لا تخرج إلى الفساق (5) إلا أن المشهور عنه دعوى الاجماع على اشتراط العدالة، ولو بنينا على جواز التعبير عن غير الفاسق بالعادل، وعن العادل بغير الفاسق، نظرا إلى ندرة وجود الواسطة، أمكن التصرف في كلام السيد وفي كلام الحاكين عنه، وحيث كانت الأدلة خالية بالمرة عن اشتراط ملكة العدالة، فغاية الأمر في مراعاة مذهب القدماء هو القول باعتبار عدم الفسق وإن لم تحصل ملكة العدالة، وحينئذ فيجوز اعطاء مجهول الحال نظرا إلى أصالة عدم تحقق الفسق.