ثم استدل (1) بما رواه الكليني في آخر الكافي - في كتاب النذور عن الخثعمي، في من نذر أن يتصدق بجميع ماله (2)، وبما رواه علي بن جعفر، عن أخيه عليهما السلام: " قال: وسألته عن الصدقة تجعل لله مبتوتة (3) هل له أن يرجع فيها؟ قال: إذا جعلها لله فهي للمساكين وابن السبيل، فليس له أن يرجع فيها " (4) وأنت خبير بما في هذا التفصيل وأدلته (5)، لأن التصدق إما أن يراد به العقدي بأن يقول: وهبت لك كذا قربة إلى الله، فيقول: قبلت، وإما أن يراد به الفعلي، المتعارف إطلاق التصدق عليه عند أهل العرف، وهو: إقباض المال للتصدق عليه بقصد القربة.
وعلى كل تقدير، فقبل وقوع العقد أو الفعل لا يخرج عن ملك المالك بدونه، نعم هنا إعطاء آخر وهو: ما يجب على الناذر بعد خروج المنذور عن ملكه بسبب سابق، ولا ريب أن هذا المعنى لا يصدق عليه التصدق، بل ولا يعتبر فيه قصد القربة، لأن القربة إنما تعتبر في تمليك الصدقة لا في إخراجها إلى مستحقها بعد استحقاقه لها وتملكه إياها، لأنه حينئذ كأداء الأمانة ورد الوديعة، وأما وجوب القربة في إقباض الزكاة، فلتحصيل التصدق المأمور بها على وجه التعبد دون التوصل كأداء الدين، فالزكاة حينئذ يتعلق في العين (6) بعجل لا يبرأ ذمة المكلف إلا بأدائها من العين، أو من غيرها على وجه القربة.
اللهم إلا أن يقال: إن أمر المالك الحقيقي بدفع العين إلى الغير يدل على