المقامات، كم كان له أب وأخ فدفع إلى أخيه من الزكاة ما صار به غنيا بحيث اشترك مع أخيه الدافع في نفقة أبيهما (1)، فإن المالك قد أسقط بالزكاة نصف مؤونة أبيه (2) عن نفسه، إلى غير ذلك من الأمثلة.
فالتحقيق أن يقال: إن كان يعد غنيا في صورة بذل النفقة له، والوثوق بالبذل، ولا يكون في عياله من تجب عليه نفقته لو تمكن، فلا يجوز له أخذ الزكاة من المنفق اتفاقا، بل ولا من غيره، وفاقا لما عن التذكرة (3) وشرح الإرشاد للمحقق الأردبيلي (4)، واختاره في شرح المفاتيح (5) والغنائم (6)، لصدق الغنى عليه بعد اجتماع وصفي وجوب الانفاق عليه وبذل المنفق، وإن كان كل واحد منهما لا يكفي في نفي الفقر عنه إلا إذا امتنع المنفق، وقدر المنفق عليه على الاستيفاء ولو بمعونة الحاكم، لكنه محل تأمل.
وكيف كان، فالمحكي (7) عن المنتهى (8) والدروس (9) وفي حاشية الإرشاد:
جواز الأخذ (10)، لعدم خروجه عن الفقر بالانفاق، فكما يجب انفاق القريب عليه لكونه فقيرا يجوز لغيره دفع الزكاة إليه لذلك، وكما أنه لو تكفل القريب أجنبي من باب الزكاة بحيث يوثق ببذله له، ثم صار قريبه غنيا، فلا يسقط بذلك وجوب إنفاقه عنه، كذلك وجوب الانفاق لا يسقطه (11) جواز دفع الزكاة إليه.