هذا كله مع وجود المستحق في البلد، وأما مع عدمه فلا إشكال ولا خلاف في جواز النقل مع ظن السلامة، وعدم الضمان لو تلفت، ويدل عليه حسنة ابن مسلم المتقدمة (1).
وهل يكفي في الجواز عدم وجود الفقراء في البلد، أو عدم التمكن من الصرف (2) مطلقا حتى في سبيل الله؟ مقتضى استدلالهم بمثل الفورية والتغرير بالزكاة هو الثاني، ولكن ظاهر كلمات المانعين هو الأول، بل ظاهر معقد إجماعهم على الجواز مع عدم المستحق، وظاهر روايتي ابن مسلم وزرارة المتقدمتين (3) في عدم الضمان بالنقل مع عدم وجود الأهل في البلد هو الأول، وهذا هو الأقوى إذا فرضنا القول بالمنع، للروايتين المتقدمتين، وما سيجئ من الأخبار في جواز البعث من عدم وجود أهل الولاية في بلد الزكاة، مضافا إلى عموم رواية ابن أبي حمزة المتقدمة (4) في جواز النقل، خرج منها على القول بالمنع القدر المتيقن (5) من كلمات الأصحاب ومعقد إجماعهم.
وهل يجب النقل حينئذ؟ وجهان: من كونه من مقدمات الدفع الواجب، ومن منع وجوب الدفع فورا مطلقا، إنما الواجب الدفع إلى المستحق على النحو المتعارف، وهو مشروط بوجود المستحق في البلد، فله حينئذ أن يحفظه وينتظر به.
ويضعف هذا بمنع تقييد أدلة الدفع بصورة وجود المستحق في البلد، نعم في بعض الروايات: " أنه إذا لم يصب لها أحدا ينتظر بها سنة إلى سنتين إلى أربع سنين، فإن وجد وإلا فليجعلها في حرز ويطرحها في البحر، قال: فإن الله حرم