ولو قيل: إن المال الغائب عنوان مستقل في نفسه لا يلحق به المغصوب، لعدم تنقيح المناط، سقط التمسك بالأخبار من الطرفين، لأن مورد الكل (1) في المال الغائب. لكن الظاهر: أن المعيار في الكل واحد وهو: العجز عن الأخذ، ولذا استدل بتلك الأخبار لاشتراط التمكن بلا فرط في شرح الروضة (2)، فاستدل له بما ورد من وجوب الزكاة في الدين إذا قدر صاحبه عليه، وتركه متعمدا (3) مع عدم عمله قدس سره بمضمونها، من (4) ثبوت الزكاة في الدين المقدور على أخذه.
هذا، ولكن التحقيق: الرجوع في معنى القدرة على الأخذ - الواردة في النص -، والتمكن من التصرف - الوارد في معقد الاجماع - إلى العرف، لأنه المحكم في مثله، والظاهر صدق القدرة على الأخذ بمجرد القدرة على الأسباب ولو كانت بعيدة. وأما التمكن فهو وإن كان في صدقة على التمكن من أسباب التمكن خفاء، بل منع (5) إلا أن الذي يظهر من ملاحظة فتاواهم، بل معاقد (6) إجماعاتهم هو ما يعم هذا المعنى، ولا أقل من أن يحصل الشك في مراد الكل أو البعض، فيجب الرجوع حينئذ إلى القدر المتيقن من تخصيص العمومات الموجبة للزكاة، وخصوص ما أوجبها بمجرد القدرة على الأخذ.
والمتقين هو: اعتبار التمكن بالمعنى الأعم المساوي للقدرة التي نيط بها (7) الحكم فيما عرفت من الموثقة وغيرها.