المكلف والمفروض أن الناذر التزم بدفعه على (1) وجه إحداث الملكية له لفرض كونه في ملكه قبل النذر فيجب عليه الدفع على هذا الوجه، ولازم وجوب الدفع على وجه التمليك كونه باقيا في ملكه بعد النذر حتى يعقل وجوبه عليه، إذ لو خرج عن ملكه بالنذر لم يعقل وجوب الدفع على وجه (2) التمليك.
وأما الرواية الأولى (3) من الروايتين فلا تدل إلا على وجوب التصدق، ولذا خرج الرجل عن داره وما فيها ليبيعها ويتصدق بثمنها، لا لخروجها عن ملكه.
وأما الثانية (4) ففي شمولها (5) لما نحن فيه إشكال، لعدم تحقق صدقة حتى يحكم بكونها للمساكين، بل هي ظاهرة في الصدقة بالمعنى الأعم الشامل للوقف، لأن مفهوم الرجوع إنما يتحقق بعد التمليك، ولا ينافيه قوله: " هي للمساكين " مع أن العين لا ينتقل في الوقف، لأن المراد اختصاصهم بها.
هذا كله في نذر التصدق، وفي معناه نذر الاهداء إلى بيت الله، وأما نذر التمليك والوقف والهبة والابراء ونحوها، فلا ريب في عدم كونها مخرجا للملك بمجرده، بل لا بد من وقوع هذه الأسباب، لأن هذه المسببات الواجبة يتوقف شرعا على إيجاد أسبابها، وتظهر الثمرة في النماء، وفي ضمانه لو تلف بتفريط، فإنه يجب الكفارة لترك الدفع والضمان لمال الغير، ولو قلنا بعدم الخروج فلا ضمان، بل الكفارة خاصة.
وعلى تقدير عدم الخروج، فالظاهر أنه لا يجوز للناذر التصرفات المنافية لصرفه إلى المستحق، كنقله إلى غيره، بل الظاهر بطلان تلك التصرفات، فلو