ودعوى أن الفسق قد يحصل بها يوافق الأصل كترك الفرائض، مدفوعة بأن الترك من حيث هو لا يوجب الفسق، بل الموجب له هي المعصية التي قد تتحقق في ضمن الترك، فالأصل عدم تحقق المعصية ولو علمنا بالترك، كيف وإذا شككنا فيه.
ثم لو فرض العلم بحصول فسق منه كما هو الثابت في أغلب الناس، فهل يتمسك بأصالة عدم التوبة وبقاء الفسق؟ أو بظهور عدم إخلال المسلم بما هو الواجب عليه من التوبة؟ الظاهر هو الثاني.
ثم الظاهر أن الفاسق كما لا يجوز أن يعطى، كذا لا يجوز له الأخذ إذا أعطاه الجاهل بحاله، [لأن عدم] (1) الفسق شرط للاستحقاق كسائر الأوصاف، مثل الفقر والايمان، ويحتمل عدم حرمة الأخذ إذا أعطي، لأن الأدلة دلت على حرمة معونته وعلى حرمة اعطائه، لا على عدم حل الزكاة له، كما لا تحل للغني والهاشمي، فيرجع فيه إلى عموم ما دل على جعل الزكاة قوتا للفقراء (2)، وإن الفقراء شركاء الأغنياء (3).
ثم إن اعتبار العدالة على القول به في الفقراء والسماكين والغارمين والعاملين وابن السبيل، وفي بعض أفراد الرقاب كالمكاتب ومن عجز عن الرقبة في الكفارة، وأما العبيد تحت الشدة، أو مطلقا مع عدم المستحق، أو مطلقا، فالظاهر عدم اعتبار العدالة فيها (4)، لأنهما ليسا ممن يعطى من الزكاة، وإنما يعتقان من الزكاة بعد اشترائهما، وأما في سبيل الله ففيه التفصيل المتقدم في اعتبار الايمان.