كل ما فيه مؤونة، فلو بنى على احتساب المؤنة لم يكن في ذلك فرق بين الأمرين، وكيف يحتسب مؤنة السقي الموجبة لاسقاط نصف العشر من جملة المؤن (1) ويخرج نصف العشر بعد اخراجها؟ ولذا احتمل في البيان - كما حكي عنه - اسقاط مؤونة السقي فيما فيه نصف العشر واحتساب المؤن (2).
ثم الجواب عن هذا الاشكال: بأن أحكام الشارع تعبدية كما عن المحقق الجواب بذلك في المسائل الطبرية (3) إنما يحسن إذا دل دليل على وجوب احتساب المؤونة، وإلا - كما هو المفروض - فلا ريب في أنه من أعظم الشواهد على عدم احتساب المؤن.
وأظهر من ذلك - في التأييد - ما تقدم من أدلة الخرص وفائدته وصفته، (4) سيما إذا قلنا بجوازه في الزرع، سيما ما اشتمل من تلك الأدلة على استثناء عذق أو عذقين للناطور، وترك التعرض للمعافارة وأم جعرور (5)، إذ لو كان الواجب اخراج المؤونة من البدو إلى الختم لم يكن لاستثناء العذق للناطور بالخصوص وجه، بل كان ينبغي إما أن يحتسب جميع المؤن، وإما أن يؤخر ذلك كله إلى ما بعد الجذاذ.
فيعلم من ذلك كله إن الأمر بترك العذق والعذقين للتخفيف المستحب للخارص.