وفيه: أنه طرح لظاهر الأدلة من الطرفين، فإن ظاهر الحسنة المتقدمة بل صريحها - بملاحظة صدرها المانع من نقل النصاب بعد هلال الثاني عشر، لاشتمالها على مال الفقراء -: استقرار الزكاة وتعلق حق الفقراء بل شركتهم بمجرد دخول الثاني عشر، وكذا ظاهر أدلة اشتراط الحول (1) بل صريح بعضها - المانع عن الدفع قبله إلا قرضا (2) - هو توقف أصل الوجوب على ذلك، لا استقراره.
مع أن الوجوب المتزلزل ليس معنى مجازيا للفظ الوجوب، بل هو وجوب مقيد بصورة تحقق ما به يستقر، فاستعماله فيه على وجه التقييد دون المجاز، وظاهر أنه لا يمكن ارتكاب التقييد في الحسنة المتقدمة، بأن يقال: إن قوله عليه السلام " فوجبت الزكاة " مقيدة بما إذا كمل الشهر الأخير، لأجل صراحة الكلام في كفاية دخوله.
فالتحقيق: إن هذه الحسنة - من حيث تضمنها لكون الدخول في الثاني عشر موجبا لحولان الحول الذي جعل مناطا لوجوب الزكاة في أدلة اعتبار الحول - حاكمة على تلك الأدلة، فلا معنى للجمع [بحمل الحكم في أحدهما مغايرا للحكم في الآخر] (3). نعم يشهد لهذا القول رواية إسحاق بن عمار:
" عن السخلة متى تجب فيها الصدقة؟ قال: إذا أجذع " (4) والجذع: المعز ما دخل في السنة الثانية، وأما في الضأن فقد اختلف فيه، إلا أن المحكي عن حياة الحيوان: أن أصحابنا وأكثر أهل اللغة إنه ما مضى عليه سنة (5)، مع أنه