أخباره في مروج الذهب انه هو الذي أخذ البيعة لعلي عليه السلام بالبصرة قال عند ذكر حرب الجمل وقد كان عبد الله بن عامر عامل عثمان على البصرة هرب عنها حين اخذ البيعة لعلي بها على الناس جارية بن قدامة السعدي وقال المسعودي عند ذكر حرب النهروان ان عليا عليه السلام كان قد انفصل عن الكوفة في خمسة وثلاثين ألفا يريد الرجوع لقتال أهل الشام واتاه من البصرة من قبل ابن عباس - وكان عامله عليها - عشرة آلاف فيهم الأحنف بن قيس وجارية بن قدامة السعدي وذلك في سنة 38 فنزل الأنبار والتأمت اليه العساكر فخطب الناس وحرضهم وندبهم إلى المسير للشام فأبوا الا ان يبدأوا بالخوارج وقال المسعودي أيضا عند ذكر ارسال معاوية بسر بن أرطأة سنة 40 في ثلاثة آلاف إلى الحجاز واليمن وبلغ الخبر عليا فانفذ جارية بن قدامة السعدي في ألفين ووهب بن مسعود في ألفين ونما إلى يسر خبر جارية بن قدامة السعدي فهرب وظفر جارية بابن أخي بسر مع أربعين من أهل بيته فقتلهم اه. لأنهم كانوا مشاركين لبسر في الفساد في الأرض.
حضر جارية بن قدامة حرب الجمل وصفين مع علي عليه السلام قال ابن الأثير في حوادث سنة 36 عند ذكره لحرب الجمل ما لفظه: واقبل جارية بن قدامة السعدي وقال يا أم المؤمنين والله لقتل عثمان أهون من خروجك من بيتك على هذا الجمل الملعون عرضة للسلاح انه قد كان لك من الله ستر وحرمة فهتكت سترك وأبحت حرمتك انه من رأى قتالك يرى قتلك، لئن كنت أتيتنا طائعة فارجعي إلى منزلك وان كنت أتيتنا مكرهة فاستعيني بالناس اه. وقال نصر بن مزاحم في كتاب صفين ان عليا عليه السلام جعل على سعد البصرة وربابها جارية بن قدامة السعدي وقال نصر أيضا ولما كان يوم صفين برز عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ومعه لواء معاوية الأعظم وهو يقول:
انا ابن سيف الله ذاكم خالد * اضرب كل قدم وساعد بصارم مثل الشهاب الواقد * انصر عمي ان عمي والد بالجهد لا بل فوق جهد الجاهد * ما انا فيما نابني براقد فاستقبله جارية بن قدامة السعدي وهو يقول:
أثبت لصدر الرمح يا ابن خالد * أثبت لليث ذي فلول حارد من أسد خفان شديد الساعد * ينصر خير راكع وساجد من حقه عندي كحق الوالد * ذاكم علي كاشف الأوابد وأطعنا مليا ومضى عبد الرحمن وانصرف جارية اه. ولكن في مناقب ابن شهرآشوب: وخرج عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فبرز اليه جارية بن قدامة السعدي فقتله اه. والذي في النسخة حارثة وهو تصحيف كما مر. ولما عزم أمير المؤمنين علي عليه السلام على الرجوع إلى حرب أهل الشام بعد وقعة صفين وامر الحكمين كتب إلى ابن عباس ان يشخص اليه الناس من البصرة فندبهم مع الأحنف بن قيس فشخص معه ألف وخمسمائة ثم قال الا انفروا اليه مع جارية بن قدامة السعدي فخرج جارية فاجتمع اليه ألف وسبعمائة فوافوا عليا وهم ثلاثة آلاف ذكره ابن الأثير في حوادث سنة 37. وجارية بن قدامة هذا ارسله علي عليه السلام إلى البصرة حين قدمها عبد الله الحضرمي الذي ارسله معاوية إليها فأوقع بها فتنة قتل فيها أعين بن ضبيعة المجاشعي غيلة كما مر في ترجمته وكتب زياد خليفة ابن عباس على البصرة إلى علي عليه السلام يخبره بذلك ومر الكتاب في ترجمة أعين بن ضبيعة منقولا عن كتاب الغارات لإبراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال الثقفي وفي آخره وقد رأيت أن رأى أمير المؤمنين ما رأيت أن يبعث إليهم جارية بن قدامة فإنه نافذ البصيرة ومطاع في العشيرة شديد على عدو أمير المؤمنين فان يقدم يفرق بينهم بإذن الله والسلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فلما جاء الكتاب دعا جارية بن قدامة فقال له يا ابن قدامة تمنع الأزد عاملي وبيت مالي وتشاقني مضر وتنابذني وبنا ابتدأها الله تعالى بالكرامة وعرفها الهدى وتدعو إلى المعشر الذين حادوا الله ورسوله وأرادوا اطفاء نور الله سبحانه حتى علت كلمة الله وهلك الكافرون فقال يا أمير المؤمنين ابعثني إليهم واستعن بالله عليهم قال قد بعثتك إليهم واستعنت بالله عليهم اه. قال ابن الأثير في حوادث سنة 38 انه لما قتل أعين بن ضبيعة ارسل علي إلى البصرة جارية بن قدامة السعدي وهو من بني سعد بن تميم وبعث معه خمسين رجلا وقيل خمسمائة من تميم وكتب إلى زياد يأمره بمعونة جارية والإشارة عليه، فقدم جارية البصرة اه. قال إبراهيم بن هلال الثقفي فحدثنا محمد بن عبد الله قال حدثني ابن أبي السيف عن سليمان ابن أبي راشد عن كعب ابن أبي قعين قال خرجت مع جارية من الكوفة إلى البصرة في خمسين رجلا من بني تميم ما كان فيهم يماني غيري وكنت شديد التشيع، فقلت لجارية: ان شئت كنت معك وان شئت ملت إلى قومي؟ فقال: بل معي! فوالله لوددت ان الطير والبهائم تنصرني عليهم فضلا عن الانس. قال: وروى كعب بن قعين ان عليا عليه السلام كتب مع جارية كتابا وقال اقرأه على أصحابك! قال فمضينا معه فلما دخلنا البصرة بدأ بزياد فرحب به واجلسه إلى جانبه وناجاه ساعة وساءله ثم خرج، فكان أفضل ما أوصاه به ان قال: احذر على نفسك واتق ان تلقى ما لقي صاحبك القادم قبلك! وخرج جارية من عنده، فقام في الأزد فقال: جزاكم الله من حي خيرا! ما أعظم غناءكم وأحسن بلاءكم و أطوعكم لأميركم، لقد عرفتم الحق إذ ضيعه من أنكره ودعوتم إلى الهدى إذ تركه من لم يعرفه! تم قرأ عليهم وعلى من كان معه من شيعة علي عليه السلام وغيرهم كتاب علي عليه السلام فإذا فيه: من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من قرئ عليه كتابي هذا من ساكني البصرة من المؤمنين والمسلمين! سلام عليكم، اما بعد فان الله حليم ذو أناة لا يعجل بالعقوبة قبل البينة ولا يأخذ المذنب عند أول وهلة، ولكنه يقبل التوبة ويستديم الأناة ويرضى بالأناة ليكون أعظم للحجة وأبلغ في المعذرة، وقد كان من شقاق جلكم أيها الناس، ما استحققتم ان تعاقبوا عليه فعفوت عن مجرمكم ورفعت السيف عن مدبركم وقبلت من مقبلكم واخذت بيعتكم، فان تفوا ببيعتي وتقبلوا نصيحتي وتستقيموا على طاعتي اعمل فيكم بالكتاب والسنة وقصد الحق وأقيم فيكم سبيل الهدى. فوالله ما أعلم ان واليا بعد محمد صلى الله عليه وآله وسلم اعلم بذلك مني ولا أعمل بقوله. أقول قولي هذا صادقا غير ذام لمن مضى ولا منتقصا لاعمالهم، وان خطت بكم الأهواء المردية - وصفه الرأي الجائر إلى منابذتي تريدون خلافي، فها أنذا قربت جيادي ورحلت ركابي وأيم الله لئن الجأتموني إلى المسير إليكم لأوقعن بكم وقعة لا يكون يوم الجمل عندها. الا كلعقة لاعق، واني لظان ان لا تجعلوا إن شاء الله على أنفسكم سبيلا، وقد قدمت هذا الكتاب إليكم حجة عليكم ولن اكتب إليكم من بعده كتابا ان أنتم استغششتم نصيحتي ونابذتم رسولي حتى أكون انا الشاخص نحوكم إن شاء الله تعالى والسلام. قال: فلما قرئ الكتاب