عبدان فمنعه من سلم من عسكره فأقام متجلدا وأشار جماعة على الوزير أبي علي ان يعجل الانحدار ويغتنم الفرصة قبل ان يعود بختيار يجمع فلما قاربهم وهو في ألف وثلاثمائة عدد من السفن سير بختيار ما عنده من السفن وهي نحو ثلاثين قطعة وفيها المقاتلة، وكان قد سير عسكرا آخر في البر وله في فم نهر أبي الخصيب نحو خمسمائة قطعة فيها ماله ولجميع عسكره من المال والأثاث والأهل فلما تقدمت سفنه صاح من فيها وأجابهم من في السفن التي فيها أهلوهم وأموالهم ورد عليهم العسكر الذين في البر، فقال الوزير لمن أشار عليه بمعاجلة بختيار: ألستم زعمتم انه في خف من العسكر وأرى الدنيا مملوءة عساكر، فهونوا عليه الامر، فغضب وأمر بإعادة السفن إلى الشاطئ إلى الغد ويعود إلى القتال، فلما أعاد سفنه لحقه من في سفن بختيار وصاحوا: الهزيمة الهزيمة، وأجابهم من في البر من العسكر ومن في السفن التي فيها عيالهم وأموالهم فانهزم أبو علي وتبعه أصحاب بختيار وأهل السواد ونزل بختيار في الماء واستصرخ الناس وسار في آثارهم يقتل ويأسر فلم يسلم من السفن أكثر من خمسين قطعة واسر أبو علي وأحضر عند بختيار فأكرمه وطلب ان يرسله إلى الملك أبي كاليجار فأرسله اليه فاطلقه فأتفق ان غلاما له وجارية فعلا ما يخافانه بسببه وعرفا انه قد علم حالهما فقتلاه بعد اسره بنحو من شهر ولما قتل أبو علي تجهز الأجناد البصريون الذين مع جلال الدولة ببغداد وانحدروا إلى البصرة وقاتلوا من بها من عسكر أبي كاليجار ودخل عسكر جلال الدولة البصرة واجتمع عسكر أبي كاليجار بالابله يستعدون وكتبوا إلى أبي كاليجار يستمدونه فأمدهم بعسكر كثير مع وزيره ذي السعادات أبي الفرج بن فسانجس فقدموا إلى الأبلة فسير بختيار جمعا كثيرا من السفن فقاتلوا أصحاب جلال الدولة فهزمهم أصحاب جلال الدولة فوبخهم بختيار وسار من وقته في العدد الكثير والسفن الكثيرة فاقتتلوا واشتد القتال فانهزم بختيار وقتل من أصحابه جماعة كثيرة وأخذ هو فقتل من غير قصد لقتله وعزم الأتراك من أصحاب جلال الدولة على مباكرة الحرب وإتمام الهزيمة فاختلفوا وتنازعوا في الاقطاعات ففسد امرهم واستأمن بعضهم إلى ذي السعادات وقد كان خائفا منهم فجاءه ما لم يقدره فدخل عسكره البصرة وأرادوا نهبها فمنعهم. قال: وفي سنة 421 استوزر جلال الدولة أبا سعد بن عبد الرحيم بعد ابن ماكولا ولقبه عميد الدولة. وفيها ظهر متلصصة ببغداد من الأكراد فكانوا يسرقون دواب الأتراك فنقل الأتراك خيلهم إلى دورهم ونقل جلال الدولة دوابه إلى بيت في دار المملكة وقال في حوادث سنة 422 في ربيع الأول فيها تجددت الفتنة ببغداد بين السنية والشيعة إلى أن قال فقطع الجسر ليفرق بين الفريقين واظهر الجند كراهة الملك جلال الدولة وأرادوا قطع خطبته ففرق فيهم مالا وحلف لهم فسكتوا ثم عاودوا الشكوى إلى الخليفة منه وطلبوا ان يأمر بقطع خطبته لم يجبهم إلى ذلك فامتنع حينئذ جلال الدولة من الجلوس وضربه النوبة أوقات الصلاة ودامت هذه الحال إلى عيد الفطر فلم يضرب بوق ولا طبل ولا أظهرت الزنية واعترض أهل باب البصرة قوما من قم أرادوا زيارة مشهد علي والحسين عليهما السلام فقتلوا منهم ثلاثة نفر وامتنعت زيارة مشهد موسى بن جعفر. قال وفيها اجتمع أصاغر الغلمان إلى جلال الدولة وقالوا له قد هلكنا فقرأ وجوعا وقد استبد القواد بالدولة والأموال عليك وعلينا وهذا (بارسغان) و (يلدرك) قد أفقرانا وأفقراك، فلما بلغهما ذلك امتنعا من الركوب إلى جلال الدولة واستوحشا وطالبهما الغلمان بمعلومهم فاعتذرا بضيق اليد وسارا إلى المدائن، فندم الأتراك على ذلك، وارسل اليهما جلال الدولة مؤيد الملك الرخجي والمرتضى وغيرهما فرجعا، وزاد تسحب الغلمان على جلال الدولة إلى أن نهبوا من داره فرشا وآلات ودوابا وغير ذلك، فركب وقت الهاجرة إلى دار الخلافة ومعه نفر قليل من الركابية والغلمان وجمع كثير من العامة وهو لا يعقل، فانزعج الخليفة من حضوره، فلما علم أحال ارسل اليه يأمره بالعود إلى داره ويطيب قلبه، فقبل قربوس سرجه ومسح حائط الدار بيده وأمرها على وجهه وعاد إلى داره والعامة معه. قال وفيها في رجب اخرج الملك جلال الدولة دوابه من الإصطبل وهي خمس عشرة دابة وسيبها في الميدان بغير سائس ولا حافظ ولا علف لعدم العلف عنده، ولأن الأتراك كانوا يلتمسون دوابه ويطلبونها كثيرا فضجر منهم فأخرجها وقال: هذه دوابي منها خمس لركوبي والباقي لأصحابي، ثم صرف حواشيه وفراشيه وأتباعه وأغلق باب داره لانقطاع الجاري له، فثارت لذلك فتنة بين العامة والجند. قال وفيها عزل عميد الدولة وزير جلال الدولة ووزر بعده أبو الفتح محمد بن الفضل بن اردشير فبقي أياما ولم يستقم امره فعزل ووزر بعده أبو إسحاق إبراهيم بن أبي الحسين، فبقي في الوزارة 55 يوما وهرب. وقال في حوادث سنة 423:
فيها في ربيع الأول تجددت الفتنة بين جلال الدولة والأتراك، فاغلق بابه فجاءت الأتراك ونهبوا داره وسلبوا الكتاب وأرباب الديوان ثيابهم وطلبوا الوزير فهرب وخرج جلال الدولة إلى عكبرا في ربيع الآخر، وخطب الأتراك ببغداد للملك أبي كاليجار وأرسلوا اليه يطلبونه وهو بالأهواز، فمنعه العادل بن مافنة عن الاصعاد إلى أن يحضر بعض قوادهم فلما رأوا امتناعه من الوصول إليهم أعادوا خطبة جلال الدولة وساروا اليه وسألوه العود إلى بغداد واعتذروا فعاد إليها بعد 43 يوما، ووزر له أبو القاسم بن ماكولا ثم عزل، ووزر بعده عميد الدولة أبو سعد بن عبد الرحيم فبقي وزيرا أياما ثم استتر لان جلال الدولة تقدم اليه بالقبض على أبي المعمر إبراهيم بن الحسين البسامي طمعا في ماله فقبض عليه وجعله في داره، فثار الأتراك وأرادوا منعه وقصدوا دار الوزير وأخرجوه من داره حافيا وضربوه ومزقوا ثيابه وقطعوا عمامته وأخذوا خواتيمه من يده فدميت أصابعه، وكان جلال الدولة في الحمام فخرج مرتاعا وركب فأكب الوزير يقبل الأرض ويذكر ما فعل به، فقال جلال الدولة: انا ابن بهاء الدولة وقد فعل بي أكثر من هذا، ثم اخذ من البسامي ألف دينار وأطلق واختفى الوزير. وقال في حوادث سنة 424: في هذه السنة سارت عساكر جلال الدولة مع ولده الملك العزيز فدخلوا البصرة في جمادي الأولى، وسبب ذلك أنه لما قتل بختيار متولي البصرة. كما مر - قام بعده ظهير الدين أبو القاسم خال ولده لجلد كان فيه وكفاية وهو في طاعة الملك أبي كاليجار، فقيل لأبي كاليجار: ليس لك من طاعته الا الاسم ولو رمت عزله لتعذر عليك، وبلغه ذلك فاستعد للامتناع، وأرسل أبو كاليجار اليه ليعزله فامتنع وأظهر طاعة جلال الدولة وخطب له وأرسل إلى ابنه الملك العزيز وهو بواسط يطلبه، فانحدر اليه بعساكر واسط وبقي الملك العزيز بالبصرة مع أبي القاسم إلى سنة 425 وليس له معه امر والحكم لأبي القاسم، ثم إنه أراد القبض على بعض الديلم، فهرب ودخل دار الملك العزيز مستجيرا، فاجتمع الديلم اليه وشكوا من أبي القاسم فصادفت شكواهم صدرا موغرا فأجابهم إلى ما أرادوا من اخراجه عن البصرة وعلم أبو القاسم بذلك فامتنع بالابله وجمع أصحابه، وجرى بين الفريقين حروب كثيرة أجلت عن خروج العزيز عن البصرة إلى واسط وعود أبي القاسم إلى طاعة أبي كاليجار.
قال: وفيها في رمضان شغب الجند على جلال الدولة وقبضوا عليه ثم