يلقي لمجتاز النسيم كرامة * أنماط ديباج وفرش حرير أملى السحاب عليه من انشائه * فأتاك بالمنظوم والمنثور والماء منه مطلق ومقيد * يلقاك بالممدود والمقصور يستوقف الاسماع بين تدفق * كرجيع قهقهة وبين خرير تتلو بلابله عليك وورقه * أسفار إنجيل وصحف زبور فكأنما اطرح الغناء عليهما * قيس وقد غنى بشعر جرير لا شئ أبهج منظرا من صحوه * والشمس فيه كدارة البلور هذي مزاياها وكم علقت يدي * فيها بذمة صاحب وعشيري هذا على سري الأمين وذاك ان * خذل النصير على الخطوب نصيري يا جادها الهتن الملث وأصبحت * عرضا لمحلول النطاق غزير وافر أحزاني بهم وأباتني * معهم بطرف في الدنو قرير وقال وهو بشيراز وبعث بها إلى أهله بالبحرين ومر منها سبعة أبيات في الغزل سهوا، وفي البيت الرابع هكذا (ووراء عيسهم المناخة) صوابه (المثارة) بدل المناخة وهذا ما بقي منها:
لي بالعقيق سقى العقيق حشاشة * طاحت وراء الركب ساعة قوضوا لم تلو راجعة ولم تلحق بهم * حتى وهت مما تطيح وتنهض ردوه أحيى برده أو فالحقوا * كلي به فالكل لا يتبعض من ناشد لي بالعقيق حشاشة * طاحت وراء الركب ساعة قوضوا اني رضيت بما أراقوا من دمي * عمدا على سخط القبيل فهل رضوا فهناهم صفو الزلال وان هم * بالريق يوم وداعهم لي اجرضوا باتوا أصحاء الجسوم وعندنا * منهم على النأي المصح الممرض ولقد دعوت ووجه شوقي مقبل * بهم ووجه الصبر عني معرض الصفات وقال يصف بلدة شيراز 1012:
ان شيراز بلدة لا يكاد * الوصف يأتي وان تناهى عليها لو رآها امروء وادخل عدنا * سال الله ان يعود إليها وكتب إلى صاحبه الغنوي بعدما سافر إلى شيراز يصف صعوبة الطريق ويصف بلدة شيراز فقال من جملة كلام:
جبال ما انتقلت فيها من التخوم حتى تعممت بالنجوم، وأحجار توهي قوى الحديد، وتلوي بصبر الجليد وسموم يشوي الأحجار، ويشوه الأبشار، (إلى أن قال): فرأينا بلدة هي ثانية الجنان، في طيب المكان وراحة الجنان، ورفاهة السكان ما سلكت جهة الا ورأيت ما يفرج الكروب من الطرق اللحبة، والميادين الرحبة والحدائق الأنيقة، والقدود الرشيقة، والمدارس المنيفة، والمزارات الشريفة، والحمامات النظيفة والأسواق العامرة المهدية لكل عين قرة، ولكل قلب مسرة، والجوامع الجامعة، والمنابر اللامعة، والمنارات الشاهقة وأما عذوبة مائها ولطيف هوائها فلا يزال يبرزهما التمثيل على مقر التخييل.
وقال يصف بعض الجواد بين بربغي وسلما أباد:
وطرق سلكناها فما زال ضيقها * يجور بنا حتى ضللنا بها القصدا فلو ان ذا القرنين أدرك بعضها * لصيره من دون يأجوجه سدا وقال يصف حلواء البرشتوه وهو رطب ينزع قشره ونواه ويجعل فيه شئ من الدقيق المقلو والسمن سنة 1013:
باءت حنيفة بالخسران إذ عكفت * دون الأنام من الحلوا على صنم لو أنه من (برشتوه) وقد عكفت * عليه لاتبعتها سائر الأمم حلواء لو جعلت مثقالها دية * بكر لما طالبتها تغلب بدم ولو تكرم منها مادر بقرى * ضيف لما وصف الطائي بالكرم ولو أتيح لأهل النار فاشتغلوا * باكلها ما رأوا للنار من ألم قال الغنوي: ركبت أنا وأبو البحر يوما للصيد فأرسلت الكلاب على الأرانب فكانت عقلا لشواردها وقيودا لأوابدها فقال أبو البحر يصفها:
ولم أر كالكلاب ذوات عدو * على أثر الأرانب والظباء متى أرسلتهن وراء صيد * فجاذبهن أهداب النجاء علقن به ولو كانت يداه * تشد بذيل عاصفة الهواء وقال في دولاب القميعيات بالجنينة سنة 1023:
يا غاديات السحب لا تتجاوزي * في السقي دولاب القميعيات سقيا يفي بحقوق ماضي عيشنا * فيه ويسلفنا فيها حقوق الآتي لم أنس أياما جنيت مبكرا * ثمر المنى فيها ولا ليلات روض كما فرشت مطارف سندس * تذكو عليه نواجم الزهرات يستوقف الأبصار بين شقيقة * حمراء ياقوتية الورقات وعرارة صفراء أنهت صقلها * شمس الضحى ذهبية الصفحات لا شئ أبهج منظرا من صحوة * والشمس فيه صقيلة المرآة تعدي على حر القلوب ببردها * نسماته مسكية النفحات ألفت بلابله الصفير فرد ذا * ما قال ذاك تسابب الجارات وتناوحت فيه الحمام كما * تداولت اليهود قراءة التوراة والماء ترسله جداوله كما * جاريت بين الخيل في الحلبات وزهت عناقد كرمه لما غدت * بنواضر الأوراق ملتحفات تبدو فتسترها كما واريت في * خضر البراقع أوجه الفتيات وخريدة الحاظها يسرعن في * قتل النفوس بطيئة الحركات بانية الاعطاف كثبانية * الأرداف هاروتية النظرات أوقات لذات مضت فسقى الحيا * ما فات عن هاتيكم الأوقات لا شئ أوجع للحشا وأمض من * عيش مضت لمضيه لذاتي ذهبت بشاشته وبات شجاه لي * في الحلق بين ترائبي ولهاتي وكان أتيا من قرية كتكتان توبلي في جزيرة أوال من البحرين وتعرف قديما بمري بكسر الميم وتشديد الراء ثم الياء والمثناة التحتية متوجها لمنزله بقرية البلاد ومعه ابنه حسان وبينهما خليج من البحر وهو في حال الجزر فلما توسطه وثب بعض الحيتان وتعرف بالسبيطية طافرا في وجهه فشق وجنته اليمنى فأنشأ هذه القصيدة يصف بها تلك الحال.
برغم العوالي والمهندة البتر * دماء أراقتها سبيطية البحر الا قد جنا بحر البلاد وتوبلي * علي بما ضاقت به ساحة البر فويل بني شن بن أفصى وما الذي * رمتهم به أيدي الحوادث من وتر دم لم يرق من عهد نوح ولا جرى * على حد ناب للعدو ولا ظفر تحامته أطراف القنا وتعرضت * له الحوت يا بؤس الحوادث والدهر