وانهزم الفريقان وزحف محمود إلى خلف سنة تسعين وثلثمائة فامتنع في أحصن بلد وهي قلعة عالية منيعة وحاصره بها حتى لاذ بالطاعة وبذل مائة ألف دينار فافرج عنه وسار إلى الهند فتوغل فيها وانتهى في اثنى عشر ألف فارس وثلاثين ألف راجل فاختار محمود من عساكره خمسة عشر ألفا وسار لقتال جميال فهزمه وأسره في بنيه وحفدته وكثير من قرابته ووجد في سلبه مقلد من فصوص يساوى مائة ألف دينار وأمثال ذلك على أصحابه وكان الأسرى والسبي خمسمائة ألف رأس وذلك سنة ثنتين وتسعين وفتح من بلاد الهند بلادا أوسع من بلاد خراسان ثم فادى جميال ملك الهند نفسه بخمسين رأسا من الفيلة ارتهن فيها ابنه وحافده وخرج إلى بلده فبعث إلى ابنه اندبال وشاهينة وراء سيجور فأعطوه تلك الفيلة وسار لا يعود له ملك وسار السلطان محمود إلى ويهند فحاصرها وافتتحها وبعث العساكر لتدويخ نواحيها فأثخنوا في القتل في أوباش كانوا مجتمعين للفساد مستترين بخمر الغياض فاستلحموهم ورجع السلطان محمود إلى غزنة وكان خلف بن أحمد عند منصرف السلطان عنه أظهر النسك وولى ابنه طاهرا على سجستان فلما طالت غيبة السلطان أراد الرجوع إلى ملكه فلم يمكنه ابنه فتمارض وبعث إليه بالحضور للوصية والاطلاع على خبايا الذخيرة فلما حضر اعتقله ثم قتله كما مر وبلغت ضمائر قواده لذلك وخافوه وبعثوا للسلطان محمود بطاعتهم ما بقيت له الدعوة في سجستان سنة ثلاث وتسعين وسار السلطان محمود إلى خلف فامتنع منه في معقله بحصن الطاق وهو في رأس شاهق تحيط به سبعة أسوار عالية ويحيط به خندق بعيد المهوى وطريقه واحدة على جسر فجثم عليه أشهرا ثم فرض على أهل العسكر قطع الشجر التي تليه وطم بها الخندق وزحف إليه وقدم الفيول بين يديه على تعبيتها فحطم الفيل الأعظم على باب الحصن فقلعه ورمى به وفشى القتل في أصحاب خلف وتماسكوا داخل الباب يتناضلون بأحجار المجانيق والسهام والحراب فرأى خلف هول المطلع فأثاب واستأمن وخرج إلى السلطان وأعطاه كثيرا من الذخيرة فرفع من قدره وخيره في مقاماته فاختار الجوزجان فأذن له في المسير إليها على ما بينه وبين ايلك خان من المداخلة ثم هلك خلف سنة تسع وتسعين وأبقى السلطان على ولده عمرو كان خلف كثير الغاشية من الوافدين والعلماء وكان محسنا لهم ألف تفسيرا جمع له العلماء من أهل إيالته وأتفق عليهم عشرين ألف دينار ووضعه في مدرسة الصابوني بنيسابور ونسخه يستغرق عمر الكاتب إلا أن يستغرق في النسخ واستخلف السلطان على سجستان أحمد الفتحي من قواد أبيه ورجع إلى غزنة ثم بلغه انتقاض أحمد بسجستان فسار إليهم في عشرة آلاف ومعه أخوه صاحب الجيش أبى المظفر نصر والبوتناش الحاجب وزعيم
(٣٦٥)