وفيه أن الاطلاق بالتبادر وغيره مخصوص بالبالغ، ومعارض بعموم كثير من النصوص الدالة على اعتبار أمور كثيرة في الشاهد منفية في الصبي قطعا كالعدالة ونحوها، ومنع الأولوية المزبورة.
والخبران - مع ضعف سنديهما ولا جابر - محتملان للحمل على الصورة الآتية، على أن الثاني منهما لم يسند إلى معصوم، بل لا يخفى عليك ما في متنه، فإن حكم الرجل والمرأة لا يجب أن يكون واحدا في كل شئ، ألا ترى إلى الأمر الذي جعل جامعا؟ فإن صاحب العشر سنين من الرجال لا يتأتى منه النكاح غالبا، ومع ذلك كله معارضان بالنصوص الكثيرة الدالة على اعتبار البلوغ في قبول شهادة الصبيان التي تحملوها حال الصغر (1) وعلى عدم قبول شهادتهم إلا في القتل (2) كما ستسمع، ولا ريب في رجحانها عليها من وجوه: منها سلب عباراته، حتى أنه لا يقبل إقراره على نفسه، ومنها عدم الوثوق بقوله، لعلمه بعدم مؤاخذته على الكذب، ولعل حملهما على إرادة بيان إمكان جواز أمر الغلام بالعشر لاحتلام ونحوه أو في الجملة ولو من الدماء أولى.
وعلى كل حال ففي المسالك أنه نقل جماعة منهم الشيخ فخر الدين الاتفاق على عدم قبول شهادة من دون العشر حتى في الدم، وإنما الخلاف في من زاد عن ذلك وإن كنا لم نتحققه، بل في الكفاية أن الموجود في الإيضاح أن من لم يبلغ العشر لا تقبل شهادته في غير القصاص والقتل والجراح إجماعا، وظاهره عدم الاجماع على ذلك في القتل والجراح، وربما كان ظاهر جملة من العبارات التي جعل فيها العنوان الصبي، كما عن الخلاف والإسكافي.