على أن المراد من الوحدة في الخبرين الأولين الوحدة بالعدد، فيكون مفادهما أنه إذا قال أنتم أو هؤلاء زناة مثلا لم يحد إلا واحدا أتوا به جميعا أو أشتاتا، فإن سماهم فقال فلان وفلان وفلان زناة مثلا حد لكل واحد حدا يعني إذا أتوا به متفرقين، بدليل الصحيح وغيره " ولكنه كما ترى، ضرورة أن ما ذكرناه من الجمع بالتقييد أو التخصيص بين النصوص ولو مع فرض التعارض من وجه للترجيح بما سمعته من الشهرة ومحكي الاجماع وغير ذلك أولى من وجوه، فلا ريب في أن المشهور حينئذ أقوى.
ومنه يعلم ضعف ما عن الصدوق في الفقيه والمقنع من أنه إن قذف قوما بكلمة واحدة فعليه حد واحد إذا لم يسمهم بأسمائهم، وإن سماهم فعليه لكل رجل سماه حد، وروى أنه إن أتوا به متفرقين ضرب لكل رجل منهم حد، وإن أتوا به مجتمعين ضرب حدا واحدا، وعكس في الهداية فأفنى بما جعله في الكتابين رواية، وجعل ما أفتى به فيهما رواية، والتحقيق الجامع بين النصوص ما عرفت، والله العالم.
(وهل الحكم في التعزير كذلك؟ قال جماعة) منهم المفيد وسلار على ما حكي: (نعم) بل في المسالك نسبته إلى المشهور للأولوية خلافا للمحكي عن ابن إدريس من العدم، لكونه من القياس الممنوع ونفي المصنف الخلاف، فقال: (ولا معنى للاختلاف هنا) وذلك لأن التعزير منوط بنظر الحاكم، وليس له بالنسبة إلى كل واحد حد محدود، فهو يؤدب بسباب الجماعة بغير القذف بما يراه.
وفيه أنه يمكن أن تظهر الفائدة في ما لو زاد عدد المقذوفين على عدد أسواط الحد، فإنه مع الحكم بتعدد التعزير يجب ضربه أزيد من الحد ليخص كل واحد منهم سوطا فصاعدا، وعلى القول باتحاده لا يجوز له