وفيه أن تعرف ذلك منه يحتاج إلى زمان طويل، بل عن الفاضل رده بأن التوبة من شرطها العزم على ترك المعاودة، ولا شك أن الصغائر لا ينفك منها الانسان فلا يصح منه هذا العزم غالبا، فلا يمكن التوبة في أغلب الأحوال. وفي صحيح ابن أبي يعفور (1) اقتصر على اجتناب الكبائر في تعريف العدل.
كل ذلك مضافا إلى ما عرفته من أن الصغائر في الندرة من اللمم الذي يقع مكفرا باجتناب الكبائر وبفعل الطاعات كما هو مقتضى الكتاب والسنة، فلا حاجة حينئذ إلى التوبة. نعم لا ينبغي منه العزم على العود الذي به يكون مصرا، وقد عرفت أنه لا صغيرة مع الاصرار كما لا كبيرة مع الاستغفار، بل هذا الخبر مشعر بعدم الحاجة إلى الاستغفار للصغيرة من دون إصرار كما هو واضح.
(و) من ذلك كله وغيره ظهر لك أن (الأول أشبه) بأصول المذهب وقواعده.
هذا (وربما توهم وأهم) من أصحابنا (أن الصغائر لا تطلق على الذنب إلا مع) القول ب (الاحباط) الذي هو بمعنى الموازنة بين الأعمال الصالحة والمعاصي، فكل ذنب يحبط بالطاعة فهو صغيرة، وكل ذنب يحبط الطاعة هو كبيرة.
(وهذا بالاعراض عنه حقيق) ضرورة أن المعروف بين الإمامية عدم القول بالاحباط، كما أن المعروف بينهم تقسيم الذنب إلى كبير وصغير فلا مدخلية للقول المزبور بذلك قطعا (فإن إطلاقها) أي الصغائر عند الفقهاء (بالنسبة) إلى غيرها من الكبائر، سواء قلنا بكون كل معصية كبيرة أو معاص مخصوصة (و) هو واضح.