وبالجملة لا وجه لاشتراط الصلاة خلفه بذلك ضرورة جوازه اختيارا، بل مقتضي الجمع بين النصوص تعينه كما عرفت، اللهم إلا أن يريدوا التباعد الذي يخرج عن مصداق عنده كما يومي إليه استدلالهم على ذلك بخبر الحسين بن عثمان (1) الصحيح في الكافي والضعيف في التهذيب " رأيت أبا الحسن موسى عليه السلام يصلي ركعتي طواف الفريضة بحيال المقام قريبا من ظلال المسجد " وفي التهذيب " قريبا من الظلال لكثرة الناس " وأما احتمال كون المراد بالمقام في كلام من عرفت البناء الموجود الآن الذي كاد يكون حقيقة عرفية باعتبار اشتماله عليه فهو مع بعده عن النصوص خصوصا صحيح إبراهيم بن أبي محمود (2) السابق منها وإن صحح الظرفية المكانية لكنه لا يصحح الشرطية المزبورة إلا على التأويل المذكور، كل ذلك مع أنه لم نقف على ما يدل على الصلاة في أحد جانبيه في حال التباعد، ولعله لذا قال في النافع ومحكي التهذيب ما سمعت، بل قد سمعت أن مقتضى الجمع بين إطلاق الآية ونصوص " عنده " وبين نصوص الخلف تعين الخلف في حال الاختيار أيضا فضلا عن حال الاضطرار الخارج عن مصداق " عنده " والاتخاذ منه مصلى المراد بمن فيه إما الاتصالية أو الابتدائية، على معنى ابتداء المصلي منه أو اتخاذه منه بكونه بحياله، أو أن المراد منه نحو قولهم اتخذت من فلان صديقا ناصحا، ووهب الله لي من فلان أخا مشفقا، فإن الصلاة إلى أحد الجانبين، في حال التباعد خارج عن ذلك كله، وأما الخلف فلما سمعته من الصحيح المزبور، على أنه ينبغي ذلك بما إذا ضاق الوقت، وإلا فالمتجه وجوب الانتظار، وفعل
(٣١٩)