منهما؟ وجوه، والتحقيق هو الوجه الأول لان مطلوبية المقدمة إنما تكون للغير، وكون مطلوبية الشئ للغير يقتضي مطلوبية ما يترتب ذلك الغير عليه دون غيره، إلى أن قال ما حاصله: أنه تظهر الثمرة فيما لو وجب عليه الدخول في ملك الغير بغير إذنه لانقاذ غريق يتوقف عليه، فبناء على ما قلناه من اعتبار الترتب لو دخله وأنقذ الغريق وقعت المقدمة على صفة الوجوب سواء كان حين الدخول قاصدا للانقاذ أم لا، غاية الأمر أنه يكون في الفرض الثاني متجريا، ولو دخله ولم ينقذ الغريق لم تقع المقدمة على صفة الوجوب بل وقعت حراما سواء كان حين الدخول قاصدا للانقاذ أو لم يكن قاصدا له، غاية الأمر أنه يكون على فرض القصد معذورا في فعل الحرام بخلاف الثاني. وأما بناء على كون الواجب مطلق المقدمة فلازمه كون الدخول مطلقا واقعا على صفة الوجوب وهو أمر لا يمكن تصديقه. (انتهى ما أردنا نقله من كلامه).
أقول: القول بوجوب المقدمة الموصلة يتصور على وجهين:
الأول: أن يكون المتعلق للوجوب ذات ما يوجد من المقدمات في الخارج مصداقا للموصل لا بوصف الموصلية، بمعنى أن الشارع مثلا رأى أن المقدمات التي تحصل في الخارج على قسمين:
بعض منها مما توصل إلى ذيها ويترتب هو عليها واقعا، وبعض منها مما لا توصل، فخص الوجوب بالقسم الأول، أعني ما يكون بالحمل الشائع مصداقا للموصل، فعلى هذا لا يكون عنوان الموصلية قيدا مأخوذا في الواجب، بنحو يجب تحصيله، بل تكون عنوانا مشيرا إلى ما هو واجب في الواقع.
الثاني: أن يكون المتعلق للوجوب عبارة عن المقدمة الموصلة مع وصف الايصال، بحيث يكون قيد الايصال أيضا مأخوذا في الواجب، بنحو يجب تحصيله، فإن كان مراد القائلين بوجوب المقدمة الموصلة فقط المعنى الأول، فيرد عليه: ان هذا ليس تفصيلا جديدا في مسألة وجوب المقدمة، بل هو نفس التفصيل الذي ذكره بعضهم، أعني اختصاص الوجوب بالمقدمة السببية، فان المقدمة التي تكون موصلة في متن الواقع، ويترتب عليها ذو المقدمة لا تنطبق إلا على المقدمة السببية. [1] وإن كان مرادهم المعنى الثاني، بأن يكون الواجب عبارة عن المقدمة المقيدة بوصف [1] يمكن أن يقال: إن المقدمة التي يترتب عليها ذو المقدمة لا تنحصر في السبب، إذ الترتب لا يستلزم أن يكون المترتب عليه علة تامة للمترتب، بل الترتب عبارة عن وقوع شي عقيب شي آخر، فالمقدمة التي يترتب عليها ذو المقدمة، كما يمكن أن تكون سببا يمكن أيضا أن تكون شرطا أو معدا وجد بعده ذو المقدمة ولو بمعونة سائر المقدمات، فإن الشروط مثلا بحسب الواقع على قسمين: بعضها مما يوجد بعده المشروط، وبعضها