الكبريات لأقيسة الاستنباط ولابد في تحقق الحكم وفعليته من وجود الموضوع خارجا، ويكون ذلك بمنزلة الصغرى لتلك الكبرى المجعولة الشرعية، والنتيجة هي الحكم الفعلي الشرعي الذي يستتبع عصيانه وإطاعته العقاب والثواب.
فقول الشارع: " الخمر حرام " إنما هو كبرى كلية لا يستتبع العلم بها شيئا من الثواب والعقاب ما لم ينضم إليها صغرى وجدانية ليتألف قياس الاستنباط من تلك الصغرى الوجدانية والكبرى المجعولة الشرعية، فيقال: " هذا خمر، وكل خمر يحرم شربه " والنتيجة هي الحكم الشرعي المستتبع موافقته ومخالفته للثواب والعقاب: فيتوقف العلم بالحكم الشرعي الفعلي على العلم بكل من الصغرى والكبرى، ولا يكاد يحصل العلم بالحكم مع الشك في إحديهما ولو مع العلم بالأخرى، بل يكون ذلك من الشك في التكليف لا المكلف به.
فضابط الشك في التكليف: هو رجوع الشك، إما إلى تحقق الصغرى خارجا، وإما إلى جعل الكبرى شرعا (1) غايته: أنه إن كان الشك في تحقق الصغرى تكون الشبهة موضوعية، وإن كان في جعل الكبرى تكون الشبهة حكمية. ومنشأ الشك في الصغرى أحد موجبات الجهل بوجود الموضوع، وفي الكبرى فقد النص أو إجماله أو تعارضه. وقد تقدم الكلام فيها.
وضابط الشك في المكلف به: هو رجوع الشك، إما إلى نفس متعلق التكليف وهو الفعل أو الترك المطالب به أو بنقيضه، وإما إلى متعلق المتعلق وهو الموضوع الخارجي لأجل تردده بين أمور بعد العلم بتحققه خارجا أو ما هو بمنزلة العلم من الامارات والأصول الشرعية.