فوائد الأصول - الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني - ج ٤ - الصفحة ٥
ليست من القضايا الشخصية الخارجية (1) بل هي من القضايا الحقيقية التي يفرض فيها وجود الموضوعات في ترتب المحمولات عليها (2) وهي بمنزلة
بسم الله الرحمن الرحيم (1) أقول: لا يخفى أن مفاد القضايا الحقيقية على فرض تسليمها في القضايا الطلبية والخطابات التكليفية يس إلا فعلية الحكم واقعا بوجود موضوعه واقعا، من دون اقتضاء هذا المقدار العلم به وجدانا، فترتب لعلم بوجود الموضوع لابد من مقدمة أخرى غير مرتبطة بلوازم القضية، خارجية كانت أم حقيقية، فجعل هذه الجهة مقدمة لتوضيح المرام لا يخلو عن غضاضة. ثم إن ما ذكر إنما في التكاليف المنوطة بوجود الشئ خارجا، وأما التكاليف المطلقة مثل " أقيموا الصلاة " وأمثاله، فلا يكون تنجز التكليف إلا بالعلم بالكبرى محضا بلا احتياج إلى العلم بشئ آخر، كما لا يخفى.
(2) أقول: قد تقدم منا في مباحث الألفاظ بأن القضية الحقيقية بعدما لا يكون إلا إنشاء الحكم على موضوع أعم من الفعلية والفرضية، فلا محيص من كونه بفعلية وجود موضوعه فعليا، وبفرضه فرضيا، نظير " النار حارة " وبعد ذلك نقول أيضا: إن هذه القضية غير متكفل لمقام العلم بالصغرى أو الكبرى، بل لابد وأن يكون العلم المزبور من أسباب خارجة عن مفاد هذه القضية، فهذه القضية داخلة في الخطابات الواقعية المشتركة بين العالم والجاهل، وبعد ذلك نسئل بأنه في ظرف وجود موضوعه واقعا مع جهل المكلف به، فأي مرتبة من الحكم يصير فعليا؟ فان أريد مرتبة محركية العبد نحو العمل فهو غلط واضح مع وجود قبح العقاب بلا بيان، وإن أريد مرتبة محركية اشتياقه بالعمل للمولى - لصيرورته بصدد إبراز اشتياقه وتهيئة أسباب تحريك عبده في ظرف تحقق شرائط التنجز على عبده - فهو فعلا قبل وجود موضوعه حاصل، وحينئذ فأي شئ أريد من الحكم الذي بفعلية موضوعه يصير فعليا؟ وبفرضه يكون فرضيا، الذي هو شأن القضايا الحقيقية. وتوهم الجعل في حقيقة الحكم التكليفي كالوضعي أيضا من الأغلاط، إذ بعد إبراز المولى إرادته واشتياقه يكفي ذلك، لحكم العقل بالامتثال ولو لم تكن في البين جعل أصلا، مع أن مرتبة محركية الاشتياق في ظرف وجود الموضوع الذي هو المسمى بالإرادة فرع وجود الاشتياق عند وجود الموضوع، والحال ان كثيرا ما يكون المولى في هذا الحين في حال لا يتمشى منه الإرادة والاشتياق، بل ربما يكون اميتا، كما في الوصية بنحو القضية الحقيقية، كقوله: " كل من دخل داري فأكرموه " فأنشدكم بالله! اي حكم يصير فعليا بفعلية موضوعه بعد موته؟ فلا محيص إلا ان تقول حينئذ بان الحكم هو الايجاب المجعول بلا إرادة حين وجوده، وهذا المعنى مما يضحك به الثكلى! فهل بذلك حينئذ إلا من الالتزام بعدم جريان القضايا الحقيقية في الطلبيات، وان مثل هذا التقسيم إنما هو في محمولات تكون ظرف عروضها واتصافها خارجيا، ولا يشمل الأمورات التي لا تكون ظرف عروضها إلا ذهنا بلا تبعيتها لوجوداتها خارجا.