في موضوعات الاحكام، بل يرجع تصرفها إلى إلى نفس الاحكام، كما أوضحناه في " رسالة لا ضرر ". ولكن الغالب في الحكومات رجوع تصرف الحاكم إلى عقد وضع المحكوم، سواء كانت الحكومة فيما بين الأدلة المتكفلة لبيان الاحكام الواقعية، كحكومة قوله: " لا شك لكثير الشك " على قوله: " من شك بين الثلاث والأربع فليبن على الأربع " أو كانت الحكومة فيما بين الأدلة المتكفلة لبيان الاحكام الظاهرية، كحكومة الامارات على الأصول، فان الحكومة في جميع ذلك ترجع إلى تصرف دليل الحاكم في عقد وضع دليل المحكوم بنحو من التصرف، من غير فرق بين أن يتقدم دليل المحكوم على دليل الحاكم في الورود والتعبد والتشريع أو يتأخر عنه. ولا وجه لما في بعض الكلمات: من أنه يعتبر في الحكومة أن يتقدم تشريع مفاد المحكوم على تشريع مفاد الحاكم، بحيث يلزم لغوية التعبد بدليل الحاكم لولا سبق تشريع ما يتكفله دليل المحكوم والتعبد به.
وكأن من اعتبر في الحكومة ذلك غره ما يعطيه ظاهر كلام الشيخ - قدس سره - من قوله في كلامه المتقدم: " مسوقا لبيان حاله متفرعا عليه الخ " وأنت خبير بأنه من أوضح أفراد الحكومة حكومة الامارات على الأصول، مع أنه يصح التعبد بالامارات ولو لم يسبق التعبد بالأصول، بل ولو مع عدم التعبد بها رأسا.
نعم: الغالب في الحكومة التي تكون بين الأدلة المتكفلة للأحكام الواقعية هو سبق تشريع مفاد دليل المحكوم على مفاد دليل الحاكم، كقوله: " لا شك لكثير الشك " أو قوله: " لا شك للامام مع حفظ المأموم " ونحو ذلك، فإنه لولا سبق تشريع أحكام الشكوك لا يحسن تشريع مفاد قوله: " لا شك لكثير الشك ".
فتحصل مما ذكرنا: أنه لا يعتبر في الحكومة شرح اللفظ وتفسير أحد الدليلين لما أريد من دليل الآخر، ولا يعتبر أيضا تقدم تشريع مفاد المحكوم على مفاد الحاكم، بل الذي يعتبر في الحكومة: هو أن يرجع مفاد أحد الدليلين إلى