تقديم قول المستأجر، فإنه لا منشأ لتقديم قول المستأجر إلا كون قوله موافقا لأصالة الصحة، وهي لا تجري، لأنها لا تثبت وقوع العقد على السنة، فان ذلك أمر خارج يلازم صحة عقد الإجارة، وأصالة الصحة لا تثبت اللوازم والملزومات.
وبذلك يظهر: أنه يصح الاستشهاد على عدم حجية مثبتات أصالة الصحة بما ذكره العلامة في الفرع الأول أيضا. فما يظهر من بعض المحشين: من أن نظر الشيخ - قدس سره - في الاستشهاد بكلام العلامة إنما هو الفرع الثاني ليس في محله، بل التحقيق إن نظر الشيخ في الاستشهاد إلى كل من الفرعين.
ثم إن كلمة " هنا " في قوله: " فان قدمنا قول المالك صح في الشهر الأول هنا " ساقطة في كلام الشيخ - قدس سره - ولكنها موجودة في القواعد، وقد ذكر جامع المقاصد وجه التقييد ب " هنا " ما حاصله: أن العلامة وإن كان بنائه على بطلان إجارة كل شهر بدرهم، إلا أن في هذا الفرع خصوصية تقتضي صحة الإجارة في الشهر الأول، فان النزاع بين المستأجر والمالك في كون عقد الإجارة وقع على السنة بدينار أو على كل شهر بدرهم يستلزم الاتفاق منهما على أن ثمن الإجارة في الشهر الأول هو الدرهم. ثم قال المحقق الثاني: " إن الاتفاق على ذلك مبني على أن يكون قيمة الدينار اثني عشر درهم، فلو كان قيمته عشرة دراهم لم يحصل منهما الاتفاق ".
أقول: ولو فرض أن قيمة الدينار كانت اثني عشر درهم لا يحصل الاتفاق بينهما في الشهر الأول، لان المستأجر يدعي أن ثمن الإجارة في مجموع السنة هو الدينار لا الدرهم. نعم: دعواه ذلك تتضمن أن يكون ثمن الإجارة في الشهر الأول جزء من اثني عشر جزء من الدينار يسوي قيمته درهم، والمالك يدعي أن ثمن الإجارة خصوص الدرهم، ومجرد كون الجزء من اثني عشر جزء من الدينار يسوي قيمته درهم لا يقتضي الاتفاق منهما على كون ثمن الإجارة في الشهر