والانتقال إنما يكون مأخوذا في عقد وضع أصالة الصحة، فلا محل لها إلا بعد إحراز أهلية العاقد وقابلية المعقود عليه، فأصالة الصحاة إنما تجري إذا كان الشك راجعا إلى ناحية السبب من حيث كونه واجدا للشرائط المعتبرة فيه أو فاقدا له. وأما لو كان الشك راجعا إلى أهلية العاقد أو قابلية المعقود عليه للنقل والانتقال، فالمرجع هو سائر الأصول العملية حسب ما يقتضيه المقام.
إذا عرفت ذلك، فاعلم: أن الشك في الصحة والفساد إن كان مسببا عن الشك فيما يعتبر في الايجاب والقبول - من العربية والماضوية والموالاة ونحو ذلك مما ذكره الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) في شروط العقد - تجري فيه أصالة الصحة.
وإن كان الشك في الصحة والفساد مسببا عن الشك في فقدان شرط من شروط العوضين: فان كان للشرط دخل في مالية العوضين عرفا أو شرعا - كالخمر - أو كان للشرط دخل في قابليتهما للنقل والانتقال - كالوقف - فلا تجري فيه أصالة الصحة.
وإن لم يكن للشرط دخل في ذلك - كالعلم بهما أو التساوي بينهما إن كانا من جنس المكيل والموزون - فالظاهر: أنه تجري فيه أصالة الصحة، لان الجهل بجنس العوض أو بمقداره أو زيادة أحد العوضين عن الآخر لا دخل له في المالية، ولا يقتضي عدم القابلية لنقل والانتقال، ولذلك صح هبة المجهول والمصالحة عليه، وكذلك يصح التفاضل بين المالين في غير عقود المعاوضة، بل حتى في عقود المعاوضة غير عقد البيع (على قول) فمثل هذه الشرائط لا دخل لها في مالية العوض وقبوله للانتقال، بخلاف الوقف والخمر والحر، فإنها لا تقبل النقل والانتقال ولا تصلح للمعاوضة عليها، فلا تجري أصالة الصحة إذا كان الشك في صحة العقد وفساده مسببا عن الشك في كون المبيع خلا أو خمرا أو كونه حرا أو عبدا أو كونه وقفا أو ملكا، بل لا تجري أصالة الصحة إذا شك في كون