ففي المثال يجري استصحاب كل من إطلاق الماء وكريته ويثبت به كون الماء عاصما لا يحمل خبثا، فان استصحاب إطلاق الماء كما يجدي في الآثار المترتبة على إطلاق الماء: من كونه رافعا للحدث والخبث، كذلك يجدي في دخله في الكرية، لكونه شرعيا، وهذا المقدار من الدخل الشرعي يكفي في صحة الاستصحاب. ولا إشكال في بقاء الموضوع واتحاد القضية المشكوكة مع القضية المتيقنة في كل من استصحاب الكرية والاطلاق.
وإن لم يكن التوقف شرعيا: كالحياة والعدالة، فقد يستشكل في استصحاب الحياة والعدالة. أما في العدالة: فللشك في موضوعها. وأما في الحياة: فلعدم كون دخله في العدالة شرعيا، فمن حيثية دخله في العدالة لا يجري فيه الاستصحاب وإن كان يجري فيه الاستصحاب من حيث الآثار الشرعية المترتبة على نفس الحياة، كحرمة تزويج زوجته وعدم تقسيم أمواله ونحو ذلك، وليس الكلام فيه، وإنما الكلام في استصحاب الحياة من حيث ترتب العدالة عليه، مع أن ترتب العدالة على الحياة عقلي.
هذا، ولكن الانصاف: أنه لا وقع لهذا الاشكال، فان استصحاب الحياة إنما يجري من حيث إن للحياة دخلا في الحكم الشرعي المترتب على الحي العادل، كجواز تقليده والاقتداء خلفه ونحو ذلك من الأحكام الشرعية المترتبة على حياة الشخص وعدالته، ولا حاجة إلى استصحاب الحياة من حيث دخله في العدالة حتى يقال: إن دخله في العدالة عقلي، فإنه لا ملزم إلى استصحاب الحياة من هذه الحيثية.
وبالجملة: بعدما كان الموضوع لجواز التقليد مركبا من الحياة والعدالة وهما عرضان لمحل واحد، فلابد من إحراز كلا جزئي المركب، إما بالوجدان وإما بالأصل.
فإذا كانت الحياة محرزة بالوجدان: فالاستصحاب إنما يجري في العدالة،