الوجوب المقدمي بالجزء، بل نفس الطلب النفسي المتعلق بالكل ينبسط على الاجزاء، نظير انبساط البياض على الجسم، فيكون لكل جزء حظ من الوجوب النفسي، ومعه لا يمكن أن يكون له وجوب آخر مقدمي، وقد أشبعنا الكلام في ذلك بما لا مزيد عليه في مبحث المقدمة.
وثانيا: أن استصحاب القدر المشترك بين الوجوب النفسي والغيري لا يجري، فان الوجوب النفسي يغاير الوجوب المقدمي سنخا ويباينه حقيقة، وليست النفسية والمقدمية من قبيل الشدة والضعف، فاستصحاب القدر المشترك في المقام يرجع إلى استصحاب القسم الثاني من القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلي، وقد تقدم عدم جريان الاستصحاب فيه، بل لو فرض أن النفسية والمقدمية يكونان من مراتب الوجوب - كالشدة والضعف - ولكن لا إشكال في تباينهما عرفا، فلا يجري استصحاب القدر المشترك.
الوجه الثاني: استصحاب شخص الوجوب النفسي الذي كان متعلقا بالاجزاء المتمكن منها، بدعوى: أن الجزء المتعذر يعد عرفا من حالات متعلق الوجوب النفسي لا من أركانه ومقوماته، فلا يضر تعذره وفقدانه ببقاء متعلق الوجوب النفسي واتحاد القضية المشكوكة مع القضية المتيقنة، لان معروض الوجوب النفسي بنظر العرف كان هو بقية الاجزاء المتمكن منها ويحمل عليها بالحمل الشايع الصناعي أنها هي التي كانت متعلق الوجوب النفسي، ويكون تعذر الجزء منشأ للشك في بقائه، نظير الماء الذي نقص عنه مقدار بحيث يشك في بقائه على الكرية، فإنه لا إشكال في استصحاب بقاء الكرية، لاتحاد القضية المشكوكة مع القضية المتيقنة، فليكن تعذر الجزء فيما نحن فيه كنقصان مقدار من الماء في مثال الكر لا يوجب اختلاف القضيتين.
وهذا الوجه وإن كان أبعد عن الاشكال من الوجه الأول، إلا أنه يرد عليه: أن هذا البيان إنما يتم في الموضوعات العرفية والمركبات الخارجية، فإنه